طلال سلمان

التقسيم ..من فوق!

تسود في الوطن الصغير مناخات تقسيمية تعيد إلى الذاكرة ما سبق أن عاشه اللبنانيون في ظلال الحرب الاهلية في السبعينات والتي اوصلها الاجتياح الاسرائيلي إلى الذروة في الثمانينات مع انتخاب بشير الجميل الذي التقى حكام العدو الاسرائيلي في فلسطين المحتلة وتواطأ معهم على منظمة التحرير الفلسطينية والشعب الفلسطيني، ومعه الشعب اللبناني ودولته التي لم تكن تملك قرارها.

الملفت أن ثمة تبادلاً للأدوار بين الدكتور سمير جعجع، قائد “القوات اللبنانية”، والوزير الدائم للخارجية كممثل شرعي، من موقع الصهر، لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

ففي صيف 1983، وحينما كان “الحكيم” في دير القمر، بينما كان الجيش الاسرائيلي ما زال في الشوف، كامتداد لاحتلاله الجنوب والجبل وبعض البقاع، طلب مني الزميل الكبير الراحل جوزف سماحة يذهب إلى لقائه في جوار عاصمة فخر الدين المعني …ووافقت فذهب جوزف سماحة الذي كان يشغل بكفاءة استثنائية موقع مدير التحرير في “السفير”.

خلاصة ما قاله جعجع يومها لجوزف سماحة: حبيبي جوزف.. لماذا نُصر على أن نحترب كل عشرة اعوام؟!! لنعترف بالحقيقة.. فنحن أمتان وشعبان، ولكي يعيش كل شعب في امان نضع شريطاً يفصل بيننا في ساحة البرج، فاذا أحب المسلمون أن يذهبوا إلى الكازينو وان يستمتعوا بمناخ الارز أو أن يسبحوا مع الحسناوات في جبيل، يكفي ابراز الهوية لنضع عليها ختماً ويدخلون فيمرحون ويلهون مع الصبايا ويقامرون، واذا ما اراد واحدنا في “الشرقية” أن يشتري البطيخ واللحمة، عبر الحاجز فاشترى ما يريد وعاد إلى اهله سالماً غانماً… وهكذا نعيش بأمان في دولتينا.. ويا دار ما دخلك شر، كما تقولون.


هذا المنطق التقسيمي يعتمده الآن جبران باسيل، كأنه يريد التأكيد انه الاعظم تطرفاً والاشد تصلبا من سمير جعجع الذي ربما ايقظته فترة السجن الطويلة (11 عاما) من غفلته، فعاد إلى وعيه، ورأى أن “الاعتدال” هو الطريق إلى الزعامة “الشاملة”، وربما إلى رئاسة “الجمهورية” التي يريدها موحدة الآن.

وسبحان المواقع المفخمة التي تبدل السياسيين وقادة الميليشيات الطائفية والذين تعاونوا مع الاحتلال الاسرائيلي فجعلتهم “وطنيين”، بينما اغوت الطامحين إلى الرئاسة بالتطرف إلى حد التلويح بالانفصال او التقسيم بمنطق شمشمون “عليَّ وعلى اصدقائي واعدائي”.

Exit mobile version