طلال سلمان

الامبراطور ترامب في مواجهة غزة والعالم

قبل ان يبدأ اجتماع ترامب بنتنياهو مساء امس في البيت الابيض اطلق الرئيس الامريكي جملة اشارات لا يمكن تجاهلها. فبعد تصريحاته الوقحة عن تهجير الفلسطينيين جاء الاعلان عن عدم تمويل الاونروا وعن انسحاب اميركا مجددا من مجلس حقوق الانسان وعن تشديد العقوبات على ايران وكذلك طلب مساعدة عسكرية من الكونغرس لاسرائيل بمليار دولار. ولا تخفى على القارئ وجهة الامور في نظر ترامب الذي كثيرا ما يتباهى بدعمه غير المسبوق لاسرائيل. ولكن لا يزال في امريكا من يشيرون الى ان هذه الخطوات قد تشكل شرك العسل المنصوب لنتنياهو على طريق ارغامه على تسوية سياسية تطالب بها وتتمناها الدول العربية المعتدلة.

ومع ذلك أعلن أمس أن “الفلسطينيين ليس لديهم خيار آخر سوى مغادرة قطاع غزة”، وأنه يود أن يرى الدول المجاورة، الأردن ومصر، تستوعب النازحين الفلسطينيين. وفي تصريح له قبل لقائه نتنياهو، أكد ترامب أنه “لا يدعم الاستيطان الإسرائيلي في قطاع غزة”.

وأوضح مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، نوايا الرئيس: “عندما يتحدث الرئيس عن “تنظيف غزة”، فهو يعتزم جعلها مكانًا صالحًا للعيش، وهذه خطة طويلة الأمد”. وأضاف ويتكوف أنه “ليس من العدل أن نشرح للفلسطينيين أنهم سيكونون قادرين على العودة بعد خمس سنوات. إنه أمر سخيف”. وكان يشير بذلك كتاجر عقاري الى ان مشروع اعادة اعمار غزة يحتاج الى ١٠-١٥عام على الاقل وليس الى ٥ سنوات.

وبحسب موقع والا تحدث مستشار الأمن القومي الأميركي فالتس لوسائل الإعلام وكشف عن أن محادثات جارية مع الحلفاء والشركاء في المنطقة لحل مشكلة اللاجئين في غزة. وقال: “أجرينا محادثة مع (الرئيس المصري) السيسي. ترامب ضالع جداً في هذه القضية. وأضاف فالتس أن “الرئيس يحاول إيجاد حلول عملية لوضع صعب للغاية”. وأكد أن الجدول الزمني لإعادة إعمار غزة يجب أن ينظر إليه بشكل واقعي، وأنه إطار زمني يتراوح بين 10 إلى 15 عاما.

وفي الوقت نفسه، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن وزارة الخارجية وافقت على صفقة محتملة لبيع أنظمة رادار بعيدة المدى لمصر بقيمة 304 ملايين دولار. ويثير توقيت الإعلان تساؤلات حول الصلة المحتملة بين الصفقة وإسرائيل. والمحادثات حول قضية النازحين من غزة.

وكان باراك رافيد في والا قد كشف النقاب عن ان نتنياهو استجاب لطلب مبعوث ترامب، ويتكوف، وارسل الوفد الاسرائيلي الى الدوحة بناء على اتفاق وقف النار لبدء مفاوضات المرحلة الثانية.

ونقل رافيد عم مسؤول امريكي رفيع المستوى قوله ان ترامب مهتم جدا بالافراج عن كل الاسرى ويريد ضمان عدم استمرار سيطرة حماس على غزة.

وبحسب مسؤول اسرائيلي فإن الوفد الاسرائيلي لن يبحث في المرحلة الثانية وانما في اتمام المرحلة الاولى وتمديدها. ومعروف ان حكومة نتنياهو يمكن ان تسقط على الفارق بين المرحلتين. فمفاوضات المرحلة الثانية تعتبر لغما ليس فقط من الناحية السياسية والأمنية وانما اصلا من الناحية الائتلافية.

وحسب والا فأن نتنياهو معني بالاتفاق مع ترامب على طريقة ادارة المرحلة الثانية وعلى وجهتها النهائية.

وسبق لنتنياهو أن اعلن مطالبة إسرائيل في مفاوضات المرحلة الثانية بانهاء حكم حماس في غزة وتجريد القطاع من السلاح.

واعلن نتنياهو انه فقط بعد عودته من واشنطن سيبحث الكابينت في شروط التفاوض على المرحلة الثانية. وقد ارسل نتنياهو الوفد الى الدوحة فقط لمنع حماس من استغلال عدم بدء المفاوضات واعلان وقف تنفيذ باقي المرحلة الاولى من اتفاق التبادل.

في كل حال تحتل تصريحات ترامب حول تهجير الفلسطينيين من غزة حيزا واسعا في الفضاء السياسي الدولي والاقليمي. ومعروف ان هذه خطة اسرائيلية قديمة جديدة وتم عرضها مرارا على مر السنين سواء كانت هجرة قسرية كما حدث غي نكبة ٤٨ ونكسة ٦٧ او هجرة طوعية تحت ضغوط امنية او اقتصادية.

وحسب الاعلام الاسرائيلي درس مسؤولون إسرائيليون كبار منذ عدة أشهر إمكانية طرح خطة لتشجيع هجرة سكان قطاع غزة إلى دولة ثالثة لصالح إعادة إعمار القطاع. وهذا ما ذكره موقع Ynet. في الواقع، تشير إسرائيل إلى أنها تعطي “الضوء الأخضر” لإعداد مثل هذه الخطة، والتي ستشارك فيها في نقل سكان قطاع غزة إلى دولة لا ينبغي أن تكون مصر، وفقًا لتلك المناقشات أو الأردن.

وقد طرح الأمر قبل نحو شهرين، حتى قبل أن يطرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب فكرة الهجرة الطوعية لسكان غزة إلى الدول العربية المجاورة بهدف إعادة الإعمار الشامل. وقال مصدر اسرائيلي مطلع على التفاصيل، إن هناك خططاً قيد الدراسة لتشجيع الهجرة من قطاع غزة، بما في ذلك على المستوى القانوني.

ولم يتحدث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حتى الآن علناً عن الفكرة التي تثير غضباً كبيراً في العالم العربي، ولذلك فإن أي إشارة إليها يتم فحصها بحساسية، ولكن من الممكن أنه تمت مناقشة الموضوع ليلة أمس في اجتماعه مع الرئيس ترامب .

وفي مجلس الوزراء والحكومة، طرحت هذه القضية عدة مرات من قبل وزراء من اليمين، حيث طالبوا بتشجيع الهجرة من غزة إلى جانب إقامة المستوطنات في القطاع. كان الشخص الذي قاد هذا الخط هو رئيس حزب عوتسما يهوديت إيتمار بن جفير، الذي عمل على الترويج لمثل هذه الخطة مع نتنياهو وحتى ناقشها معه. قبل حوالي شهرين، قال بن جفير إن نتنياهو “بدأ يظهر اهتمامًا كبيرًا بإسرائيل”. “انفتاح معين” على الفكرة. كما دفع الوزير بتسلئيل سموتريتش رئيس الصهيونية الدينية إلى إقامة مستوطنات في قطاع غزة.

وبعد تصريحات ترامب بأن مصر والأردن يجب أن تستوعبا سكان غزة، قال مسؤولون مصريون لصحيفة “العربي الجديد” القطرية إن “الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من المنتظر أن يزور واشنطن في 18 فبراير الجاري لبحث عدد من الملفات”. “ومن بين القضايا المطروحة، خطة الرئيس الأميركي لنقل سكان غزة إلى مصر والأردن”.

وبحسب المصادر فإن السيسي سيبحث مع ترامب صياغة اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، والبحث عن حلول دائمة للقضية الفلسطينية. وأشاروا إلى أن الرئيس المصري “سيطرح خطة مصرية شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير سكانه”.

وأصدرت مصر، إلى جانب المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة والسلطة الفلسطينية وجامعة الدول العربية، بيانا مشتركا يوم السبت ضد نوايا ترامب. وقال البيان الذي صدر بالتزامن مع اجتماع في القاهرة بين وزراء خارجية عدة دول إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “نؤكد أننا نرفض فكرة اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم لأي سبب كان”.

وفي البيان المشترك، قال ممثلو هذه الدول إنهم يتطلعون إلى العمل مع إدارة الرئيس ترامب “لتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، على أساس حل الدولتين”. وكتب أن ممثلي الدول “بحثوا الجهود المبذولة لدعم القضية الفلسطينية والحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة”. ومن بين ما طرحه اللقاء قضية “الآلية” التي ستسمح للسلطة الفلسطينية بالقيام بمهامها في قطاع غزة.

Exit mobile version