هذا الارهاب من أين؟
من عندنا، ولادة وتربية وتنشئة وتدينا ورعاية وعتقا و… قتلاً.
انه هنا وهناك وهنالك. وظيفته أن يقتل “باسم الله”، وان يفوز “الشيطان” واتباعه بالحرام السياسي.
ضحاياه، مسلمون من كل البيئات والمذاهب والمناطق. هو وحده البداية والنهاية. او، هو صانع النهايات، بما فيه نهايته بالذات.
هذا الارهاب إلى متى؟
الجواب مستحيل. نهايته، ليست غداً أو بعد غد، او بعد سنوات.
الرحم الذي يحبل به، خصب جداً، ويغتذي من فيض الاسباب والمحرضات والحاضنات. إنه، ليس يتيم الأب والأم. البيئة الاسلامية توفر نصاب العنف. التأويل جاهز. المحرض مقدس. الآية، خرجت من النص. صارت ملكاً لوهابية او تيمية او … عدداً لا يحصى من رجالٍ، نصبوا اجتهاداتهم عقيدة، يخضع لها الاتباع، لقاء جنة فاسدة، وخوفاً من جحيم رجيم.
البيئة العربية، حبلت بالبشاعات المتناسلة. عرفت استعماراً واحتضنته كيانات وانظمة وسلطات وزعامات رثة… عرفت استقلالات ناقصة بهويات اقطاعية وطائفية واثنية… عاشت في ظل انظمة، مضادة لشعوبها، تمارس الاستبداد الرجعي و”التقدمي” والتخلفي. انظمة ملكية بأنياب وأموال ونفوذ. انظمة اميرية صغيرة بأدوار إقليمية فظيعة. انظمة عسكرية بإستبدادات أبدعت ونجحت في ابعاد الشعب واقصائه واخصائه. انظمة، صارت وحيدة في مواجهة حركات دينية متزمتة ومتخلفة وذات مرجعية تأصيلية، بادعاء العصمة وبأسلوب المرجعية.
وهذا الذي حصل في طرابلس، هل هو منفرد او فائض؟
الجواب سهل. الإرهاب حي يرزق. فشله في بقعة جغرافية، ما بين العراق وسوريا، لا يعني نهايته. لديه طاقة تحشيد مستدامة. ها هو منتشر ومختبئ في سيناء وامتدادات الجغرافيا المصرية. يتمتع الارهاب، بحرية الانتشار، فكل البلاد هنا وهناك وفي ابعد مكان، هي مسرحه. الجغرافيا، لا تأسره، طالما صكَّ “الجهاد” يمنحه كل الحرية في مماسة القتل، لا القتال.
ولبنان، ليس بمنأى عن هذا العنف نجحت القوى الامنية، الرسمية والذاتية، في معرفة مشاربه ومسالكه وبؤره. ثم، كل ذلك إلى حين. الارهاب، يتوقف ولا ينتهي… والسؤال البديهي، هو التالي، بتياراتها كافة، عصمة وطنية. ثم، وهذا هو الأهم: محل توفر الحواضن الدينية، “الرسمية” والمحلية، اجتهادات سلامية، ام تعزف على وتر الآيات التي تحث على القتال. وقتال من؟ قتال بعض اهل الكتاب؟ اغلب الظن. أن في لبنان، بؤراً للتبشير “الديني” المحرض على القتال. وتلقى هذه الدعوات، صدى واسعاً، وتحظى بحماية قانونية ورسمية، ولا يصل اليها مسائل يسألها: إلى متى تحشون رؤوس “المؤمنين”، بالفتنة والقتال ومكافأتهم بالجنة؟ اليس في لبنان، رجال دين، متفرغين “لصليبية” اسلامية مضادة، ضد مسلمين على غير مذهبهم؟
ثم يأتي دور الغرب. الغرب، بقيادة اميركا أولاً، ومن معها في الغرب مزايداً ومحرضاً، يستفيد من ظاهرة الارهاب، ولو اكتوى بذئابها المنفردة او المجتمعة! الإرهاب، من عندنا، وله من يرعاه غربياً، ثم يرميه ويقتله في ما بعد. اليس هذا ما حصل ويحصل على امتداد جغرافية الخراب العربي من المحيط إلى الخليج؟ ثم، للتذكير فقط، الترسانة العسكرية الاميركية في المنطقة، بحاجة إلى ارضية صلبة لتبني عليها سياساتها التدميرية. هي التي اوحت لممالك النفط، بتعميم الوهابية ونشرها، تمهيداً لمحاربة السوفيات في افغانستان. القرار هناك، ولكن الحبل يحصل هنا. لدينا رحم خصب التوظيف، ومشاع، لكل راغب في ازدياد الدم والعنف.
ما يزال الوقت باكراً لنبوءة نهاية الارهاب، بأسمائه المختلفة. البيئة العربية راهنا، خراب وبوم. الخليج، ينحر ينتحر. السودان على حافة السكين. مصر مقفلة على خوفها من العنف. ليبيا: الدم يستقي الدم إلى آخر ما يحصل في سوريا والعراق واليمن و…
ولبنان هل نجا ام بعد؟
المشهد الطائفي المذهبي المنتشر والمتشنج، بحاجة الى اشعال الفتيل. من يقنع “اقوياء الطوائف”، أن الارهاب واقف خلف هذه الأبواب؟