بسم الله الرحمن الرحيم
“اقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ”
هل من دعوة، بل أمر إلهي أسمى من هذه الآيات البينات في القرآن الكريم التي تحض على القراءة والدرس والتبحر في القراءة لكي يُعلّمَ الانسان ما لم يعلم؟
ولابأس أن يكون الكومبيوتر قد حل، والى حد كبير، محل القلم، لكن العلم ما زال هو العلم الذي يُغني الانسان بعقله وذاكرته وعلمه بمخزون يكفي لفهم الحياة والتعامل معها وفيها تجعله الطريق إلى مستقبله الافضل.
انه امر الهي لا راد له، لأنه يستهدف أن يتعلم الانسان ما لم يعلم، وما أكثر وأخطر ما لا يعرفه الانسان الا بالعلم..
ولقد قرأ النبي الأمي كثيراً وعرف عن الناس والارض عبر تاريخهم الطويل، وعن الاديان والمعتقدات السائدة، يومذاك، في شبه الجزيرة وما حولها، والتأثيرات التي جاءتها من الفراعنة والاغريق والرومان، فهم اليهودية والمسيحية وسائر المعتقدات السائدة، يومذاك.
قرأ فعرف، ثم جاءه الوحي لتكتمل معارفه بالخلق، ويفهم موقع القلم في العلم، ثم موقع العلم في صياغة عقل الانسان ووجدانه ومعارفه عن الزمن الماضي وعقائده ومجريات الاحداث فيه، قبل أن يتنزل عليه الوحي ليكمل رسالته المباركة في هداية الانسان واستكمال معارفه بعالمه، والحياة بمختلف جوانبها ثم العلم لكي يعلم ما لم يعلمه عن الخلق والكون جميعاً، ببشره في الارض ثم بالآخرة، ومع ابليس من هذا كله، قبل أن يتنفس الصعداء وهو يودع المؤمنين: اليوم اكملت لك دينكم ورضيت لكم الاسلام دينا.
أيها الأخوة،
لقد شرفتني مدارس المبرات التي انشأت ثانوية الرحمة، هنا في كفر جوز، فدعتني إلى هذا اللقاء الحميم.
ولا يمكنني هنا، وفي هذه اللحظة، الا أن استذكر العلامة العظيم السيد محمد حسين فضل الله، الذي شرفني بعلاقة حميمة، على امتداد سنوات طويلة، شهدت محاورات ثمينة، تعلمت فيها ومنها الكثير عن الدين والدنيا معاً، فزادت معارفي، واكبر فيه ـ اضافة إلى ايمانه العميق ومعه ـ سعة اطلاعه واحترامه العميق للعقل الانساني، واسهامه المحترم في تجديد الفكر الديني وعصرنته بإبعاده عن المبالغات الناجمة عن الصراع الفكري والسياسي الذي دار بين اهل الحديث واهل النقل واهل البدع التي كادت تؤذي الدين الحنيف في فكره وطقوسه والمنقول والمنحول، مما كاد يضيع الامة عن طريقها إلى الله، كما عن طريقها إلى المستقبل الافضل.
إن “السيد” ليس فقط من أكبر العلماء والمجتهدين، بل انه من أعظم المجددين في الدين، وتحديث مفاهيمه وتفسير القرآن الكريم بما يناسب العصر، ويضرب التحريف والتأويل المختلق ويؤكد أن الدين هو نور الهداية من اجل المستقبل الافضل للإنسان، كل انسان وأي انسان في أربع رياح الارض.
وأشهد انني تعلمت من سماحته، عبر الحوار المباشر والقراءة المتأنية لمؤلفاته العديدة الكثير الكثير مما عزز إيماني بالإنسان وقدراته متى تعززت بالعلم والايمان.
أيها الأخوة،
اشكر لكم هذه الدعوة الكريمة، واتمنى لكم النجاح والتقدم في معارج العلم الذي يدخلنا إلى العصر بعد ما ابقانا الجهل والتعصب والانصراف عن القراءة خارج زماننا إلى حد كبير.
وفقكم الله، وبارك سعيكم إلى العلم والمزيد من العلم، لكي تنفتح امامكم الطريق عريضة إلى المستقبل الافضل، بجهدكم واجتهادكم وبركات العلامة العظيم الباقي معنا بدروسه ومؤلفاته يهدينا إلى غدنا الافضل!
وليكن هذا المعرض للكتاب خطوة على الطريق إلى المعرفة والعلم والمزيد من النور لقراءة الغد.
كلمة القيت في معرض الكتاب وإطلاق اسبوع المطالعة في ثانوية الرحمة ـ كفر جوز ـ النبطية، في 2 نيسان 2019