طلال سلمان

احذروا ضباع الدّيمقراطيّة

الانتفاضة النبيلة فصلت نفسها عن ممارسات سفسطائية غوغائية تفوح منها رائحة العنصرية والحقد والكراهية، وتذكّر بأن روح الانتفاضة لا يمكن لاحد ابتلاعها، وعليه تصدر بيانًا تستنكر فيه كلّ تصرف في الشّارع لا يصبّ في منطق الانتفاضة كما حبة الحنطة البعيد كلّ البعد عن منطق الاحتيال الفكري المتمسكن بخطاب علميّ مزيف للتّمكّن من الانقضاض على السلطة ولإعادة الاستبداد بالشّعب وقمعه ضمن اتجاهاته السّياسية الاحادية العنصرية.

وعليه، يدرك الحراك أنّه يعبر في مرحلة دقيقة، وتتم محاصرة خطابه باتّجاه أحادي لا يعبّر عن طموحاته الحقيقية ولا يشبه الثقافة التي انبثق عنها والتي تؤسس لنهج سياسي جديد.

أما بالنسبة الى قطع الطرقات فمن شأنه أن يعرقل مسار القضاء الذي لا زال بدوره محاصرا رغم تباطؤه في اتخاذ الاجراءات اللازمة والحاسمة، الا انه من الايجابي أنّ عجلته بدأت تعمل وهذا مؤشر ايجابي يعتبر من الانجازات الكثيرة التي أحرزتها الانتفاضة، لذا، فإنّ اليقظة ضرورية لوعي خطورة قطع الطريق التي تترك لذئاب الديمقراطية فرصة الانقضاض على الشعب المسكين بثياب حملانها، من أجل مزيد من التحكم بالشارع محاولةً أخذه باتجاه خطابها السياسي العنصري الأحادي المنافي للعمل الديمقراطي الأصيل، الامر الذي سيصعّب أمام المستنيرين مهمة المدافعة عن حقيقة الانتفاضة وطبيعتها لتمييز الخطاب السقراطي عن الخطاب السفسطائي.

لذلك، لا نستهينن بالحصار السياسي الخارجي علينا وبالوضع الأمني الدقيق في البلد الذي يمكن أن يؤزّمه إجراء قطع الطرقات، وبذل حاليا جهود مباركة من قبل الجسم القضائي حتى لو كانت بطيئة الا انها بدأت تتحرك وهذا يقلق الطبقة الحاكمة الملوثة بالفساد وبالإفساد…

لذا، من الضّروري الوعي لهؤلاء الكثر الذين من مصلحتهم أخذ لبنان الى الفوضى كي يبقى عبدًا، مسلوب الارادة الحرّة، ومعتقلا ثقافيا وذلك عبر إخضاعه لحصارين: اقتصادي وأمني.

إنّ التجاذبات بين الأحزاب اللّبنانية الحاليّة ذات المحاصرات الثلاث (عودة النازحين، استخراج النّفط والغاز، سلاح الحزب) تهدّد الاستقرار الامني في البلد لان التناقضات السياسية في الداخل حقيقتها اقتصادية بغطاءات ايديولوجية برغم ان الايديولوجيا ميزة حزبية جيدة، ويفترض أن تعكس نبلا وطنيا، لكن بشريطة أن تُمارَس على قواعد المعارضة والموالاة تحت سقف بناء الحوكمة الرّشيدة، وبما يخدم ويعزّز المصلحة الوطنيّة اللّبنانية…

لكن من المؤسف، أنّ التّحالفات والأحزاب المستفيدة من فوضى الحراك تحاصر بعضها البعض، أمّا الشّعب اللّبناني فهو من سيدفع فاتورة “إلى القعر المحتمل” خاصة بطبقتيه الغنية والفقيرة، فالشّعب اللّبناني المسكين هو الرّهينة الوحيدة للمحاصرة المحاصصاتيّة ذات الأجندات الخارجية …

إعلامية وباحثة أكاديمية

Exit mobile version