طلال سلمان

ابنِ مستقبلك بيديك..

مع كل يوم يمر، يأخذنا الحنين إلى الماضي الجميل الذي عشناه، بفقره وبؤس احوالنا التي لم تستطع اجهاض آمالنا بالغد الافضل..

ولم تكن آمالنا احلاماً، فلا جمال عبد الناصر كان سراباً بل بطلاً قائداً عظيماً لم تغره الانتصارات وتحرير معظم ارجاء الوطن العربي (ثورة العراق في 14 تموز 1958) مباشرة بعد اقامة اول وحدة في التاريخ العربي الحديث بين مصر وسوريا (في 22 شباط 1958) ثم انتفاضة لبنان وإجبار كميل شمعون عل العودة إلى بيته بعد رفض التجديد له، برغم نزول القوات الاميركية (المارينز) على شواطئ بيروت (تموز 1958)، هذا قبل الوصول إلى انتصار ثورة الجزائر واستعادة هويتها العربية، ايلول 1962. ثم ثورة اليمن وخلع الامام احمد نجل الامام يحي حميد الدين (اواخر ايلول 1962) وقيام الجمهورية.. وصولاً إلى ثورة ليبيا (الفاتح بقيادة معمر القذافي في “الفاتح” من ايلول 1969) الخ..

نحاول التعامل مع الواقع المر فيأخذنا الكمد إلى الحلم قبل أن ينقلب الحلم، مع استذكار الواقع إلى كابوس: توجعنا احوال مصر، وتحزننا اوضاع ليبيا ونبكي سوريا التي كانت قلب العروبة النابض ونحس بالألم ونحن نستذكر عراق هارون الرشيد الذي خاطب الغيمة العابرة في سماء بغداد بقوله: امطري حيث شئت، فان خراجك عائد الي.. ويأخذنا الوجع ونحن نستذكر كبيراً من قادة الفتح العربي موسى بن نصير،وهو يخاطب من اقاصي المغرب المحيط الاطلسي بقوله: والله، لو عرفت أن وراء هذا اليم ارضاً لعبرت..

لكن الحلم قد يشكل مهربا إلى غد نتمثله في خيالنا لنأخذ اجازة قصيرة من واقعنا الموجع الذي نرفض الاعتراف بأننا اعجز من أن نغيره..

ننظر إلى احوال الدنيا من حولنا فنشعر اننا قد خسرنا مكاننا، فضلاً عن مكانتنا فيها، وانها يمكن أن تدور حول الشمس وحول نفسها بغير أن نحفظ توازننا وننتبه إلى غدنا وموقعنا فيها وقدرتنا على حفظ مكاننا تحت الشمس.

الأمل. ما اضيق العيش لولا فسحة الامل. لكن اكتافنا اضيق من أن تتسع لآمالنا العراض، فلا يتبقى الا الحلم. لكن الحلم يذهب مع النور، والنور مطلبنا لكي نستشرف غدنا. وغدنا نصنعه بإرادتنا وعقولنا وايدينا.

Exit mobile version