طلال سلمان

إغضب

سؤال غبي: لماذا لا تتحرك “الشعوب” اللبنانية لمحاسبة، ولو ودية، للمسؤولين عما آلت اليه احوالهم كافة؟ او لماذا يكتفون بالصراخ الفارغ والذي لا يصيب مسؤولاً واحداً ولا تعكر مزاجه؟ مزاجه فقط؟ او لماذا يقولون شيئاً ويفعلون عكسه؟ اليس لان ذلك كذلك، تستمر الطبقة السلطوية الخماسية مطمئنة إلى حالها، الآن، وغداً، وإلى ما بعد بعد أي غدٍ قادم. لا أحد منهم يشعر بالخطر القليل على موقعه وعلى حماسة جماهيره الصارمة. هذه طبقة محظوظة جداً، وليس عليها أن تخاف الصراخ، لأن عواء الكلاب الحارسة، يخيف أكثر.

الكل يبحث عن جواب. لقد بلغ لبنان القاع السياسي. يعرف “اللبنانيون” ذلك جيداً. سيحسون بالأزمة الاقتصادية والمالية، الراهنة والقادمة، ولكنهم لن يتحركوا. ليس عند “اللبنانيين” غير هذه الطبقة، لأنهم في كل واد يهيمون. النتيجة: الإقامة في العجز، والاستمرار في المراوحة.

ترى لماذا لا يغضبون بدل أن يثرثروا مرددين ما تقوله الاذاعات والشاشات والتصريحات حول تأليف “حكومة” تشبه ما سبقها ولا أمل بمن يلحقها غداً؟ لا نقول: لماذا لا يثورون؟ لأن الجواب جاهز. “اللبنانيون” في حالة ثورة دائمة، دفاعاً عن الطائفية والطائفيين. لبنان محصَّن طائفيا بطائفيين كأسنان المشط..

هل هو انعدام الإحساس؟ هل هو الاتكال على الآخر؟ هل هو اليأس والعجز وفقدان الأمل؟ هل هو انعدام الأفق؟ هل مقولة “لا حول ولا قوة” هي السائدة؟ ولو. أليس بيننا من يخرج شاهراً سلاح الموقف المؤيد بقوة الحق؟

أغلب الظن، أن “اللبنانيين”، وتحديداً اللاطائفيين، قد بلغوا درجة انعدام الاحساس بالخطر القادم. يشبهون ضفدعة المختبر. وللضفدعة صوت النعيق. قبيل دراسة عتبة الاحساس عندها، ينزع عنها عقلها، او باللغة العلمية دماغها. ثم يربط عضل فخذها بواسطة سلك تعبره نقرات كهربائية. في البداية، يستجيب العضل وينتفض. الدماغ ميت. ثم ترسل نقرة كهربائية ثانية، فينتفض العضل أقل. تستمر النقرات وتصاحبه الانتفاضات حتى يتوقف العضل عن ابداء أي رد فعل على النقرات الكهربائية.

السنا كذلك؟ الدماغ معطل، ولا يبحث عن حل. أنه ينق فقط. لسانه يلعن ويصف الحالة الميؤوسة. ردود فعله عصبية ترتد عليه تعكيراً لمزاجه فقط. يتأفف. يصف الوضع. يتذمَّر. ولكن عصبه العضلي معطوب. صارت عتبة الاحساس صفراً إذا ما قيس الاحساس برد فعل. الاحساس بضرورة الحركة الحرة منعدم. وعليه، لا أمل يرجى، من “لبنانيين” يفضلون حنكي الضفدع على عضلة الحركة. شيء من موت الاحساس بضرورة النجاة من المركب الجانح إلى الغرق.

أغلب الظن، أن “اللبنانيين” لا يسألون، ماذا علينا أن نفعل، ويعوِّضون عن عجزهم المعيب، بنقيق الضفادع. ولا قسوة في هذه الاحكام ابداً، لأن ما آلت اليه الأمور من خراب مريع وعجز متراكم، وما ينتظر “اللبنانيين” في الآتي من الأيام، يبرهن على ذلك.

ترى، ماذا سيفعلون، إذا سقطت الليرة اللبنانية وتضاءلت قيمتها؟ الا تخرب البصرة؟ الا يشعرون بفراغ محفظتهم النقدية وتضاؤل فرص العمل؟ ألن يتحوَّل الموظفون برواتبهم الوضيعة والمنهكة ازاء الدولار، إلى فقراء جداً؟ الن تكون الكارثة على كافة موظفي الدولة، بمن فيهم القوى العسكرية والامنية؟ عندها، عمَّ سيدافع “اللبنانيون”؟ من أين يأتيهم المدد، والعرب منهوبون، والغرب هارب إلى ازماته والمغتربون يتضاءلون؟

لنازك الملائكة نص شعري مُعبْر:

“أغضب،

أحبك غاضباً متمرداً

في ثورة مشبوبةٍ وتمزقِ

أبغضت نوم النار فيك فكن لظى

كن عرق شوقٍ صارخٍ متحرقِ

العبقرية يا فتاي كئيبة

والضاحكون رواسب وزوائد”

قليل من الغضب أيها “اللبنانيون”، كي يبقى لكم موطئ حلم في لبنان.

 

 

Exit mobile version