بين الأصدقاء مَن يمنحك الشعور بالقدرة على مواجهة الصعاب مهما بدت ثقيلة، بمجرد وقوفه إلى جانبك مبتسماً، بغير كلام.
إبراهيم بارود كان واحداً من هؤلاء الذين يمنحون قوتهم لأصدقائهم، بغير ادعاءات، وبغير منّة.
في أتعس أيام الحرب الأهلية كان أبو خليل يتلقانا في باريس فيخفف من شعورنا باليأس أو بالإثم، وينشر بيننا بغير افتعال روح الصمود… أما حين كان يجيء إلى بيروت ليقصد مهجع حبه المكين في صور، فقد كان يدور علينا يتقدمه دائماً تفاؤله بقدرتنا على إلحاق الهزيمة بالحرب، وحماية وحدتنا الوطنية، وانتصارنا بإرادة المقاومة على الاحتلال الإسرائيلي.
وبرغم أنه كان يمضي معظم أيامه بين اقطار أفريقيا وفرنسا، إلا انه كان »حاضراً« دائماً، يفاجئك بإطلالته عليك على غير توقع فلا يفاجئك ذلك منه، فيمنحك جرعة ثقة بالغد ثم ينصرف مبتسماً، ودوداً، ليتفقد غيرك من الأصدقاء.
أمس الأول، رحل إبراهيم بارود بهدوء، وبغير سابق إنذار أو توقع… ولعله، لقدريته، كان جاهزاً لمثل هذه اللحظة الحزينة.
ولسوف تشيّعه صور، ابناً باراً وأحد عناوينها الوهّاجة في عالم الاغتراب، سليل العائلة »الصورية« العريقة والفاعلة التي حافظت على وجودها الطيّب والخيّر في المدينة.
وكان إبراهيم بارود قد هاجر مبكراً مع عائلته إلى دكار في السنغال، بغير ان ينقطع عن لبنان عموماً، وعن صور على وجه الخصوص.
وإلى جانب أعماله التجارية، كانت لأبي خليل نشاطاته السياسية والاجتماعية على امتداد القارة الأفريقية وفي الوطن، ولا سيما في داكار حيث نشأ، وفي أبيدجان وفريتاون ومنروفيا، ثم في شمال أفريقيا، في المغرب العربي، حيث تركزت بعض المجموعات اللبنانية المهاجرة.
ولقد تابع إبراهيم بارود مع نخبة من المغتربين، أعمال مؤتمري جنيف ولوزان مستبشرين بنهاية الحرب في لبنان.
وفي الميدان السياسي، تولى لفترة مركز نائب رئيس الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، ثم مُنح لقب الرئيس الفخري للجامعة، التي تمثل جميع المغتربين في العالم.
وفي المجال الرياضي، كان المشجع الأول لفريق كرة القدم في ساحل العاج. وقد أسس علاقات واسعة مع جميع المسؤولين في حكومة ساحل العاج وعلى رأسهم رؤساء الجمهورية الذين تعاقبوا على سدة الرئاسة.
رحم الله إبراهيم بارود، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
} وصل الى بيروت بعد ظهر امس، جثمان المغترب اللبناني ابراهيم بارود من باريس.
وكان في استقبال الجثمان في المطار، مدير المراسم في القصر الجمهوري في ساحل العاج جورج وينان ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النائب الدكتور علي الخليل والنائب حسين الحاج حسن والنائب عبد الله قصير والمدير العام للمغتربين في وزارة الخارجية والمغتربين هيثم جمعة، وسفير ليبيريا في لبنان فؤاد غندور، ومسؤول التخطيط في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم باسم الجامعة احمد طرابلسي، وشخصيات اغترابية لبنانية من دول عديدة، خصوصاً من ساحل العاج.