لامانع عند وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ان يدفع العرب ثمن بقاء (احتلال) القوات الاميركية في الاراضي السورية، ولكنه يريد من الدوحة ان تدفع الثمن ،”لأن القوات الاميركية تتواجد في قاعدة “العيديد” وهي تحمي قطر، ولولا وجود هذه القوات لسقطت قطر باقل من اسبوع”.
الوزير الجبير لامانع عنده ان يدفع العرب ثمن احتلال الاميركان واستعمارهم لأراضينا فهذا ما يريده سيد البيت الابيض، وسيد بعض العرب، الذي لايستعمرنا فقط بل “يستحمرنا”.
ولقد وجدها الرئيس الاميركي دونالد ترامب فرصة ليبتز فيها المملكة ودول الخليج “الغنية” ويقول لهم “ادفعوا ثمن حمايتنا لكم او ساسحب قواتي من سوريا وارسلوا انتم قواتكم الى هناك”، وترامب وغيره يعرفون ان السعودية لاتسطيع ان ترسل قواتها او قوات غيرها من الدول التي شكلت منها السعودية “التحالف الاسلامي لمكافحة الارهاب” الى سوريا برغم ما ادعاه بعض المتحمسين من ان السعودية قادرة على ذلك.
في زمن الاستعمار البريطاني والفرنسي لبلادنا العربية قبل اكثر من قرن، كان هذا الاستعمار يدفع ـ ولو من مواردنا ـ ثمن استعماره واحتلاله لنا، ليس اموالا لمن كانوا حكاما او زعماء قبائل، بل كان مسؤولا عن حمايتنا وعن تعليمنا وتحسين احوالنا، ورغم ذلك كنا نرفضه، فثار بعضنا ضده وحاربه، الى ان استقل عالمنا العربي بعد ان قسمه الاستعمار قبل ان ينسحب.
وقبل سنوات اخذ بعض العرب يستدعي الاستعمار ويمنحه التسهيلات والقواعد.. وقال هؤلاء ان تدويل المصالح في منطقة الخليج يحميهم من التهديدات الايرانية، واخرون اتوا بالحماية الدولية “الاستعمار” لحماية انظمة حكمهم من “تآمر جيرانهم”.
والآن نرى ان بعض حكامنا العرب يستدعون الولايات المتحدة ليس لحمايتهم فقط بل لضرب وقصف اشقاء عرب اخرين.
والرئيس ترامب يستغل خلافات حكامنا وافتعال الازمات فيما بينهم (مثل الازمة المفتعلة مع قطر) ليبتزهم… ونرى حكاما عربا يخضعون للابتزاز الاميركي فيضيعون ثروات شعوبهم لشراء رضا الرئيس ترامب وشركائه في الغرب ممن “يستحمروننا”، ليس ضد ايران فقط، بل ضد جيران واشقاء عرب اخرين ، ليس بصفقات التسلح الضخمة التي تفوق الحاجات الفعلية، بل ايضا بشراء مايعتقدونه نفوذا عند مؤسسات صنع القرار وادوات الراي العام في الولايات المتحدة.
لقد استطاعت كوريا الجنوبية بوساطة الصين ان تنهي ازمتها مع جارتها الشمالية بعيدا عن الولايات المتحدة التي لها مصلحة في ان تحمي كوريا الجنوبية ولها قواعد عسكرية فيها.
ولكن سيول نجحت في تجنب ابتزاز الرئيس ترامب لها حين طلب منها شراء صواريخ مضادة للصواريخ الكورية الشمالية بحجة حمايتها من كوريا الشماليه، لأن كوريا الجنوبية تتعامل مع واشنطن على اساس ان للولايات المتحدة مصلحة في حماية جنوب كوريا حتى لا يتمدد النفوذ الصيني الى الجنوب.
طبعا للسعودية مصلحة في بقاء القوات الاميركية في سوريا لاسيما على الحدود السورية مع العراق، حتى تقطع هذه القوات الجسر الذي مدته طهران من ايران الى سوريا ولبنان عبر العراق.
والسعودية منذ اكثر من عام اخذت ترفع يدها عن التدخل المباشر في الازمة السورية وأوكلت الى الولايات المتحدة الأميركية التعامل مع المعارضة السورية المسلحة عسكريا وماليا، لذا لاحظنا ان فصائل المعارضة السورية المسلحة اخذت تتعرض الى هزائم عسكرية واسعة جعلت النظام السوري يحقق الكثير من الانتصارات خلال العام الماضي.
وقد اخذت الولايات المتحدة تتدخل عسكريا وبشكل مباشر في سوريا ولم تكتف بدعم مقاتلي المعارضة الكردية في شمال شرقي سوريا، بل اقامت القواعد العسكرية هناك ويتواجد حاليا نحو 6 الاف عسكري اميركي على الاراضي السورية بحجة محاربة تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” الارهابي.
ولان للسعودية مصلحة في وجود القوات الاميركية هناك اغتنم الرئيس الاميركي الفرصة ليطالب السعودية “الدولة الغنية” بأن تدفع الثمن والا فسيسحب هو قواته ولترسل السعودية وحلفاءها قوات الى سوريا لتحارب هناك.
وطبعا السعودية لاتستطيع ان ترسل قوات عسكرية الى سوريا فيكفيها حرب “الاستنزاف” في اليمن.
والمطلوب حاليا ان تدفع الرياض الثمن دون ان تقول للرئيس ترامب ان لتواجد قواته في سوريه مصالح سياسية وعسكرية له على الاقل في مواجهة التواجد العسكري والنفوذ السياسي الروسي في سوريا.
ونحن يستعمرنا و”يستحمرنا” الرئيس ترامب ويبتزنا ليس بسبب مخاطر إيران وأطماعها فقط، بل بسبب خلافات حكامنا مع بعضهم البعض وافتعال الازمات فيما بيننا (مثل الازمة مع قطر) واخيرا بحجة محاربة الارهاب و”داعش “..