لماذا يرفض الفلسطيني العادي قبل السياسي المخضرم صفقة ترامب المسماة بصفقة القرن وما هي خطورتها الحقيقية على قضية الشعب الفلسطيني ولماذا تمترس الكل الفلسطيني والعربي والعالمي رافضاً لها… وما هي المدلولات الحقيقية الأهم، فهي مقترح كباقي المقترحات المقدمة عبر سنوات الصراع العربي الإسرائيلي فلماذا أخذت هذا الطابع وهل فهم الفلسطيني العادي الخطورة الحقيقية وراء هذا المقترح…
فالشعب الفلسطيني بحكم معاناته المستمرة منذ عشرات السنوات بات ملماً بأدق التفاصيل لما قد يحقق أحلامه وتطلعاته، وهو بحكم اطلاعه المتواصل يعلم جيداً أن بهذه الصفقة شيءٌ مختلف عن ما سبق من الصفقات أو الطروحات التي لم تجد طريقها للنجاح.
فالخطورة الحقيقية الكامنة بهذه الصفقة والتي اختلفت عن مثيلاتها هي أنها تجاهلت كلياً الرواية العربية والفلسطينية وتجاوزت كل المنطلقات التاريخية والدينية لرواية الشعب الفلسطيني واعتبرت الرواية التوراتية ـ الصهيونية هي الرواية الحقيقية التي يجب التعامل معها وبهذا تكون الصفقة قد ضربت عصب الفكر الذي قامت عليه ثوابت الشعب الفلسطيني والأمة العربية…
فهي لم تتعامل بالأصل مع فلسطين كجغرافيا وتاريخ بل تعاملت مع رواية الحركة الصهيونية لوطنهم المستعاد.
إذاً فالقضية هنا ليست قضية حدود أو مياه أو حتى قضية قدس بما في ذلك من خطورةٍ لا نغفلها ولا نستهين بها. فالفلسطيني شعر منذ اليوم الأول أن ما يُخطط له ليس فقط الانتقاص من حقوقه التاريخية وإنما هو شطب لكل ما راكمه هذا الشعب منذ مئات السنين، أيضاً فإن خطورتها تكمن في تفردها بطريقة الطرح فهي لم تُقدم للأطراف أو لم يتم حتى نقاشها مع أطراف الصراع وإنما تم القفز عن الطرف الذي هو صاحب الحق والأرض والذي أسس لحاضره عبر سنوات طويلة من البناء والإنتاج التاريخي والفكري والحضاري لحساب الطرف الآخر.
والأخطر من ذلك كله هي طريقة تنفيذ هذه الخطة فهي كما قلنا لم تتعامل مع الطرف الأساسي في المعادلة، لذلك فهي فعلياً تُطبق على الأرض من دون اتفاق ولذلك فقد لاحظنا أن نتنياهو قد أقر بالبدء بتجهيز خرائط الضم وهذا سيكون بناءً على تفاهمات مع الطرف الأمريكي صاحب الخطة، الأمر الذي يؤكد وجهة نظرنا بانتقال صفقة ترامب من مراحل التخطيط لمراحل التطبيق التي تسير على قدم وساق على أرض الواقع.
إذاً فالذي لا يدركه أقرب المتابعين للشأن الفلسطيني وقد أدركه الفلسطيني من خلال معاناته اليومية هو أن صفقة ترامب تطبق يومياً على أرض الواقع ومراحلها تسير تباعاً ووفقاً لما يخطط له في واشنطن لذلك فمدلولات هذه الصفقة هي أخطر بكثير من ما يعتقد بعض العرب والمسلمين الذين حقيقة لا يدركون الخطورة الحقيقية الكامنة وراء هذا الطرح المختلف نوعياً عن سابقيه ولهذه الأسباب مجتمعة يعبر الفلسطيني بمختلف توجهاته عن رفضه لهذه الصفقة وتبعاتها.
سجن عسقلان