تذهب الى مصر، باحثا عن مصر التي ضيعها بعض العرب وجعلوها تابعا لهم..
تذهب الى مصر، باحثا عن حقيقة اخبار تسمعها وتقرأها عنها، ومعلومات قالها اصدقاء لك عن حالها التي لا تسرك ولا تسر حبيباً انما تسر كل عدو (واولهم اسرائيل) طبعا.
تقيم اياما في مصر وتقابل العديدين وتحاول ان ترى الكثير.. فتجد ان ما سمعته وقراته عن احوالها، اكثر سوءا من ما سمعته وقراته.
تذهب الى مصر، باحثا عن مصر التي ضيعها بعض العرب وجعلوها تابعا..
تعرف ان لبعض “عرب الخليج” الكلمة الاولى في مصر سياسيا واقتصاديا واعلاميا. ولا يستطيع اي كاتب صحفي او اعلامي ان ينتقد اي مسؤول خليجي او سياسة اي دولة خليجية (عدا قطر طبعا).
تعرف في مصر ان للسعودية والامارات نفوذ اعلامياً مثلما للنظام سيطرة على كل وسائل الاعلام لاسيما الفضائيات رسمية كانت ام خاصة.
ولسيطرة النظام على الاعلام الرسمي والخاص اشكال وطرق عدة ليس منها فقط تعيين رجاله وعملائه في المناصب القيادية في وسائط الاعلام “القومي” والخاص، بل بمحاسبة اي صحفي او اعلامي “اخطأ” في خبر او مقال.
فتسمع عن الصحفي محمد السيد صالح رئيس تحرير صحيفة “المصري اليوم” الذي أخطأ صباح انتهاء الانتخابات الأخيرة للسيسي كرئيس للجمهورية فعنون الخبر الرئيسي لصحيفته بعنوان “الدولة تحشد طاقتها لانتخاب الرئيس السيسي” فانهال الغضب عليه، ولم يمنعه سحب صحيفته من السوق واعتذاره، عن تحويله للنيابة وسجنه.
وعينت الدولة بعد ذلك واحدا من الصحفيين القدامى المحسوبين على عهد الرئيس السابق حسني مبارك رئيس تحرير صحيفة “المصري اليوم” ـ التي كانت تتميز بمهنيتها وبموضوعيتها ـ فأصبحت الصحيفة لا تختلف عن بقية الصحف القومية بنفاقها الرئيس وتمجيدها النظام.
وتسمع اعتراف رئيس تحرير صحيفة قومية بانه عين بهذا المنصب لأنه “ابن المؤسسة الوطنية”، والمؤسسة هذه يقصد انها الجيش، فهو كان محررا عسكريا في جريدته “القومية”، وهذا ما أهله للتعيين رئيسا للتحرير.
في مصر تقابل صديقك (منذ سنوات الدراسة بكلية اعلام جامعة القاهرة) حمدين صباحي وتجده “مخنوق جدا”، حيث النظام يجبره على “الاعتكاف” عن اي نشاط سياسي في بيته بشرق القاهرة، ومعه خالد علي ـ الذي افشلوا ترشحه للانتخابات الرئاسية ضد الرئيس السيسي ـ وكمال ابو عيطة النقابي الوطني المعروف، كلهم مهددون بالاعتقال في اي لحظة ليوضعوا في السجن “على ذمة الحبس الاحتياطي” لسنوات عديدة مثل عبد المنعم ابو الفتوح رئيس حزب مصر القوية، والمستشار هشام جنينه رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، الذي حكم عليه بالسجن خمس سنوات على خلفية اتهامه بإشاعة أخبار كاذبة عن حجم تكلفة الفساد في مصر،
وتعرف ان حمدين وزملاءه من الناشطين السياسيين معرضون للاعتداء بالضرب عليهم في اي لحظة، مثلما حصل مع المستشار “جنينه” قبل سجنه.
وكل شيء “غير اخلاقي” متوقع وممكن ان يقوم به النظام ضد معارضيه او منتقديه مهما كانت هويتهم او انتماؤهم السياسي، هكذا يقولون لك في مصر.
وتقرأ حملة في الصحف على الاعلامي المعروف عماد اديب لأنه دعا في احدى المقابلات التلفازية معه الى “حوار مع شباب الاخوان المسلمين الذين لم يتورطوا بأحداث مسجد رابعة او باي اعمال ضد الدولة” ولم يشفع له من الهجوم عليه انه من المحسوبين على عهد الرئيس حسني مبارك السابق، ولا مقالاته ومقابلاته التي يتقرب بها من الرئيس السيسي، حتى انهم اشاعوا ان عماد شارك في حفل سفارة العدو الاسرائيلي الاسبوع الماضي في الفندق المطل على ميدان التحرير حيث اندلعت ثورة 25 يناير، وعماد حينها كان في بيروت. فيتصل بك صديقك عماد من بيروت لينفي الاشاعة راثيا لك “حال الاعلام في مصر”.
ويقول لك ناشط سياسي ـ لا تذكر اسمه خوفا عليه ـ “ان العهد الحالي هو اسوأ عهد مر على مصر منذ ثورة يوليو 1952 بديكتاتوريته وقمعه على طريقة من ليس معي فهو ضدي، وكل شيء متوقع منه ضد من ليس معه”.
ويقول لك كاتب صحافي ـ وهو في موقع مهم في إحدى كبريات الصحف ـ “انه يضطر لأن يكتب ويتحدث بما هو غير مقتنع او مؤمن به حفاظا على لقمة عيشه” ويضيف “حين يطلبونني لإجراء مقابلة في التلفزيون معي يبلغوني بما يجب ان أقوله”.
وتبحث عن مصر التي علمتنا العروبة والتي هي منارة العالم العربي سياسة وثقافة وفنا وحتى رياضة فلا تجدها، ولا المصري نفسه يجدها… لذا تراه يتعلق باي ظاهرة مصرية حتى ولو كانت رياضية مثلما هو متعلق الان باللاعب المصري العالمي محمد صلاح.
وتقول النكتة ان الرئيس عبد الفتاح السيسي زعلان لأن صور اللاعب محمد صلاح المعلقة في الشوارع وفي كل مكان بمصر أكثر من صوره.
صحفي عربي