أيها السيدات والسادة
في أواسط القرن الماضي أنهى أحد فتيان منطقة بعلبك دراسته الثانوية في سن الثامنة عشرة من عمره. مثقّف ضليع باللغة العربية، مزود بالفضائل الأخلاقية والإنسانية اكتسبها من أبوين فاضلين، ذو ملامح جبلية تنم عن صلابة الإرادة والموقف. أعطاه والده أربعين ليرة لبنانية وطلب منه الانتقال إلى بيروت ليتدبر أمر السكن واكمال الدراسة. فتوجه إلى العاصمة مغموراً بمشاعر الغربة والحرمان. لا يملك أية مهنة سوى اتقان اللغة العربية.
اختار ذلك الفتى مهنة المتاعب وبدأ مسيرة الكفاح والعناء، بالعمل مدققاً لغوياً في احدى الصحف (جريدة الشرق)، ثم بائعاً للخضروات، ومخبراً صحافياً ومحرراً ومراسلاً محققاً ومحاوراً إلى أن توج مسيرته الإعلامية بإصدار جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان، جريدة “السفير”، “صوت الذين لا صوت لهم”، في 26 آذار 1974.
إنه من نلتقي اليوم لنكرّم أنفسنا بتكريمه، هو نموذج في العصامية والعزم والتصميم والثبات. مفكّر، كاتب، ناطق بلسان الشباب العربي في كافة الأقطار العربية، يحمل قضايا الأمة في قلبه وعقله ووجدانه، عاملاً ومناضلاً ومضحياً من أجلها. لم تثنه التهديدات ومحاولات الاغتيال وعمليات التفجير الإرهابية، إنه الأستاذ الكبير طلال سلمان، الذي به نفتخر ونباهي، ابن بلدة شمسطار الوادعة، ابن هذه المنطقة الابية الشامخة بأمثاله من أبنائها المجاهدين الابطال في المقاومة والجيش اللبناني الذين يدافعون عن الأمة العربية كلها بوجه العدو الصهيوني وأدواته الإرهابية والتكفيرية، هذه المنطقة التي احترقت ولم ترفع الراية للأعداء عبر تاريخها الطويل والمجيد.
كلمة القيت في حفل تكريم جريدة “السفير” بشخص رئيس تحريرها الاستاذ طلال سلمان الذي اقامته جمعية هياكل بعلبك.