تقدم منا تسبقه ابتسامته وقال: اسمي كميل شمعون، لكنني، كما ترون، غيره. إنه مجرد تشابه في الاسماء..
ضحكنا وتبادلنا بعض كلمات المجاملة، ثم غرقنا في بحر العواطف الرقيقة لتلك المجموعة من رجال الاعمال اللبنانيين الذين انتقلوا الى مصر فاستقروا فيها، يعملون وينتجون ويوطدون علاقات صحية ومثمرة مع أقرانهم فيها ومع شعبها الطيب.
وعندما انصرف الجميع، تأخر عنهم كميل شمعون. كان يريد أن يسمع منا، نحن القادمين من بيروت، المزيد من التفاصيل عن »الحالة«، أو هكذا أوهمنا، لكنه في الحقيقة كان يريد أن يعيد تنظيم برنامجنا في القاهرة بما يتناسب مع عاطفته التي تمتد لتشمل زوار القاهرة جميعاً.
صار كميل شمعون »محطة« أساسية في زياراتنا للقاهرة، ولو لساعات… وكنا نزداد تعلقاً به بعد كل لقاء: بروحه النقية، بمشاعره الوطنية الصادقة، بإيمانه بوحدة المصالح فضلا عن العواطف بين الاقطار العربية، بعشقه لمصر التي فهمها فأحبها.
…وصرنا نسعد كلما جاءنا كميل شمعون في بيروت »زائراً« أو عضواً في وفد »تجمع رجال الاعمال اللبنانيين والمصريين«… ومعه عرفنا نخبة من أولئك »المهاجرين« وبينهم عميدهم غازي ناصر، وتوفيق صافي وفؤاد حدرج وغيرهم ممن أعادوا وصل حبل الصرة بين الشعبين الشقيقين، مستعيدين تجربة الرعيل الاول من »الشوام« الذين اختاروا مصر داراً للهجرة، ومواصلة العمل من أجل الاستقلال عن الامبراطورية العثمانية واستعادة الهوية الاصلية للناس وأرضهم في منطقتنا العربية.
أمس، انطفأ كميل شمعون. توقف قلبه الكبير، وغابت ابتسامة عريضة هي أشبه بغمامة بيضاء فيها من صفاء روحه ما يعزز فيك الامل بالانسان النظيف والوطني والمخلص والذي يحمل معه صفاته هذه حيثما حل…
رحم الله صاحب بيتنا في القاهرة: كميل شمعون.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان