إن كنت في الغرفة المجاورة وسمعت الصوت، اعتبرت أن مروان حمادة في واحد من مجالسه، يحلل الأحداث ويستشف الآتي، عارضاً مواقف مختلف الأطراف، منتهياً الى استنتاج محدد: المنطقة حبلى بأحداث خطيرة، ونحن في لبنان في قلب دائرة الخطر…
مروان حمادة، هادئ كعادته، يناقش بعقله لا بعاطفته…
ولولا بعض آثار الحريق الذي لامس الوجه، وترك بصماته على البشرة، الخد الأيمن تحديداً، لاعتبرت أن مروان حمادة يرتاح من وعكة صحية بسيطة، فهو حاضر الذهن تماماً، وإن كانت وقائع تلك اللحظة التي تأرجح فيها على الحافة بين الموت والحياة، لا تغادر مخيلته أبداً:
قذفني الانفجار خارج السيارة… بقيت واعياً، وانتبهت إلى ان ألسنة النار تأخذ بثيابي، فحاولت أن أطفئها بالتراب الذي استطاعت يدي الوصول إليه، إلى جانب الطريق.
يتنهّد بأسى وهو يضيف: …وقبل ان أتمالك روعي وقع الانفجار الثاني حين وصلت النار الى خزان البنزين في السيارة. وشاهدت مرافقي المرحوم… وجسده يتطاير متشظياً، أخذت أزحف محاولاً الابتعاد عن ألسنة النار، وبقيت واعياً تماماً، وعندما وصل شباب النخوة ونقلوني إلى المستشفى كنت في منتهى الوعي، حتى أدخلوني الى جناح الطوارئ في مستشفى الجامعة الاميركية.
يعتبر مروان حمادة أن استهدافه هو جزء من مخطط يشمل لبنان كله، ويربط بين التوتر الذي عاشته مجدل عنجر، بعد وفاة واحد من أبنائها ممن اتهموا بالانتساب إلى شبكة إرهابية، وبين الاحتقان الحاد الذي تعيشه طرابلس والذي لا بد أن يتفجّر في ظل غياب العلاج، ويعتبر أن العلاقات بين »حزب الله« وحركة »أمل« ليست في أفضل حال، كذلك فإن الجو المسيحي مأزوم جداً، كأننا عشية الحرب الأهلية، وليس بعد أكثر من عشر سنوات من انتهائها.
ويرى مروان حمادة أن مهمة الرئيس رفيق الحريري لن تكون سهلة، وأنه سيفاجأ بعقبات كأداء نتيجة الأوضاع العامة السائدة في البلاد، وأنه برغم التسهيلات التي وعدت بتقديمها القيادة السورية فإن التفاهم مع الرئيس إميل لحود لن يتم بسحر ساحر.
كذلك فإن مروان حمادة يرى صعوبة بالغة، بل ربما استحالة في التراجع عن قرار التمديد، وبالتالي فلا بد للرئيس الحريري من التعامل مع نتائجه كأمر واقع.
على أن الحاضر الثابت في حديث مروان حمادة، سواء في الجانب الشخصي أم في التحليل السياسي، هو »الحبيب وليد«: وليد جنبلاط.
أما الحاضر الدائم من حوله وحواليه فهو الزميل الكبير غسان تويني، إلى جانب جبران وسائر أعضاء الأسرة.
…ولأن »غسان« حاضر دائماً فالنقاش السياسي مفتوح للتعليقات والتوريات والغمزات.
سأل مروان عن فيصل سلمان، واستطرد يقول:
ألم تكن التشكيلة المكونة من ثلاثين »فادي« طريفة؟! لقد جلسنا جميعا في ذلك المقهى، فيصل ومحمد شقير وأنا، ورابع لعله باسم السبع، واستذكرنا جميع من يحمل اسم »فادي« حتى شكلناها، بدءاً بفادي لبنان وانتهاء بفادي كاستافاليس…
مروان حمادة بخير… عقلاً وتحليلاً وأنساً وظرفاً وحضوراً لطيفا، كما كان دائماً… و»رينيه« هي الملاك الحارس، كالمعتاد!.