مداهمـة عنـد الفجـر… والنــوم مكبـلاً مــع شـريك فـي حديـد النافـذة
قال المفوض الممتاز: أنا المسلم الوحيد هنا، فاعترف لي لنساعد الجزائر!
حوالى الساعة الثالثة فجراً استفاق الفتى مذعوراً على قرع عنيف على باب شقته الصغيرة في حي يزبك في منطقة المصيطبة. كانت أخته قد نهضت من فراشها وتقدمت ووقفت مترددة في فتح الباب، والأصوات تتعالى خارجه بنبرة حادة: افتحوا الباب وإلا خلعناه.
تقدم يسبقه خوفه من هذه الزيارة المباغتة ومن هؤلاء الذين يصدرون الأوامر ويهددون من لا يعرفهم ولا يعرفونه.
وحين فتح الباب اندفع «عملاقان» إلى الداخل فأزاحاه جانباً ومضوا يبعثرون الأثاث الفقير، بينما وقف ثالثهم عند الباب للحراسة والمراقبة. وسأل الفتى ببراءة مصفاة: لم تعرّفونا بحضراتكم أو بمهمتكم، وأنا صحافي معروف..
قال أحدهم: طبعاً، طبعاً، توقف عن الثرثرة وسلمنا الحقائب التي أودعها أحمد الصغير عندك، ولا تحاول أن تخفي شيئاً منها..
كرر الفتى السؤال: حاضر.. ولكن من أنتم؟! وبأية صفة تخرقون حرمة البيت؟ وأين المختار؟!
صرخ فيه كبيرهم: بلا فلسفة! أين كنوز صاحبك الجزائري الخطير؟
حاولت أخته التدخل، فأشار إليها «الكبير» أن اسكتي… وتقدم إلى زاوية في الغرفة برزت فيها حقيبتان سمينتان وثالثة صغيرة تحوي الآلة الكاتبة.
قال الفتى: هذا كل ما أودعه أحمد الصغير عندي… لأنه لا يملك إيجار شقته و…
قاطعه «الكبير»: ألا تعرف ما فيها؟
ـ لا.. وماذا يمكن أن يكون فيها؟ إنها أوراقه وكتبه.. وهذه الحقيبة الصغيرة لآلته الكاتبة.
أمر «الكبير»: هيا، ارتدِ ملابسك، لسوف تذهب معنا.
صرخت الأخت: إلى أين؟ سيذهب إليكم في الغد.
أكمل «الكبير» سلسلة أوامره ولكن بلهجة أقل حدة: الحي آمن هنا، فلا خوف عليك. السريان جماعة أوادم… ثم أن أخاك قد يعود قبل الظهر. فاطمئني ولا تخبري أهلك حتى لا تشغلي بالهم. كلها «سين وجيم» ويعود!
سمح له بدقائق لتبديل ثيابه… ولقد بذل مجهوداً ليبقى متماسكاً أمام أخته، ثم قبّلها مودعاً وخرج من الباب محصوراً بين زائري الفجر ثم تقدمهم الثالث إلى السيارة فحشروه فيها بينهما وقال «الكبير»: إلى المديرية!
^ كانت المديرية العامة للأمن العام في محلة «التباريز» عند مدخل الأشرفية.. وحين بلغوا المبنى اقتاده اثنان من العسس، في حين تقدمهم «الكبير» إلى مكتب «الضابط المناوب» الذي قال بلهجة لا تنضح بالود: وأين أضع هذا البني آدم؟ لا زنزانة فارغة! فالصيد كان ثميناً اليوم، والموقوفون كثرة.
انتهى الأمر بأن اقتيد الفتى إلى غرفة فارغة تماماً من الأثاث. وقد جيء له بكرسي فأمر بالجلوس ثم كبلت يمناه بينما ربطت يسراه عبر الطرف الآخر من القيد بحديد النافذة.. وهكذا بات عاجزاً عن الحركة، وتعلقت عيناه بانعكاسات أنوار السيارات القليلة التي تعبر الشارع القريب.
بعد فترة قصيرة جيء بموقوف آخر، دفع دفعاً إلى غرفة التوقيف، ثم ارتأى الضابط المكلف بمهمة «حماية» المشبوهين أن يربط «المتهمين» بقيد واحد جعل نوم أي منهما مستحيلاً… ولقد تصرف الفتى بعدائية تجاه «شريكه في الجريمة» التي تبدأ وتنتهي بمعرفة أحمد الصغير جابر.
حاول الموقوف الجديد أن يفتح باب الكلام، لكن الفتى صده بعنف، إذ افترضه ـ قياساً على الأفلام وحكايات العملاء الذين يُدسون بين الموقوفين ويوهمونهم بأنهم شركاء لهم في الجريمة ـ «مخبراً لدى أجهزة أمن السلطة»…
بعد محاولات متعددة للنوم مقيد اليد اليمنى بحديد النافذة واليد اليسرى مع «شريكه» في المعتقل، تأكد الاثنان أن ذلك مستحيل، فقرر الفتى ووافقه الرفيق الاضطراري بأن يحاولا ـ معاً ـ النوم على البلاط البارد… لكن ذلك كان مستحيلاً أيضا، وهكذا عاد كل منهما إلى كرسيه يحاول عبثاً أن يغمض عينيه لساعة أو بعض ساعة، استعداداً للنهار الصعب الذي كانت طلائع نوره قد بدأت تنتشر في الخارج، وتصل انعكاساتها إلى «الزنزانة» الفسيحة التي لم تكن معدة لأمثال هؤلاء الضيوف.
^ عند الثامنة صباحاً أو بعدها بقليل جاء من يصحب الفتى إلى الضابط الذي كلف بالتحقيق في «قضية التجسس الكبرى» وشبكتها التي اكتشف أمرها الأمن العام فحمى البلاد من خطر داهم كان يتهددها، حسب ما قال المحقق.
بعد هذه المقدمة، اندفع المحقق يشيد بالصحافة والصحافيين الذين قد تفرض عليهم مهنتهم التعامل ـ ببراءة أو بقصد السبق ـ بأشخاص غامضين يقدمون أنفسهم من خلال إيمانهم بقضايا مقدسة، مثل عودة الجزائر إلى هويتها الأصلية وتأكيد انتمائها العربي، في حين أنهم ـ فعلياً ـ يعملون لمصلحة أجهزة مخابرات معادية، ويخدمون من يعادون قضاياهم العادلة.
ثم باشر المحقق جلد الفتى بأسئلته التي تلخص الاتهامات الموجهة إليه: منذ متى تعرف أحمد الصغير الجزائري؟ ما طبيعة العلاقة بينكما؟ ولماذا خصك بشرف أن يودع لديك حقائبه التي تتضمن وثائق اتصالاته المشبوهة ورسائله إلى جهات مجهولة، وأنشطته متعددة الميدان والتي كانت تشمل تهريب السلاح إلى «قوى خارجية» وتزوير الهويات، إعداداً لانقلابات عسكرية في أكثر من بلد عربي؟!
في البداية حاول الفتى أن يجيب بحدود ما يعرف عن أحمد الصغير ونشاطه في الوسط الإعلامي. لكن المحقق كان يلح في طرح أسئلة عن دول وجهات وتنظيمات لا يعرف الفتى أي شيء عنها. وهكذا فقد اختلفت نبرة المحقق واكتست قسوة غير مألوفة، ثم توالت التهديدات: أنت شاب بريء، وصحافي ناجح مستقبله أمامه، وهذا الجزائري جاسوس محترف ومتمكن، وبالطبع أنت قد أخذتك العاطفة والإيمان بعدالة قضية الجزائر وبطولة ثوارها فساعدته لإيمانك بالعروبة… لكنه غير ما كنت تظن، وقد اعترف أمامنا بكل ما ارتكبه من مخالفات وتجاوزات تمسّ الأمن القومي ليس للبنان فقط بل للعديد من الدول العربية الأخرى.
امتد التحقيق لساعات، والأسئلة تدور في الحلقة المفرغة إياها: متى وأين تعرفت إلى هذا «العميل المزدوج» الذي أوهمك أنه يعمل لثورة بلاده في حين أنه كان يعمل بالأجر لحساب دول أخرى؟ ماذا قال لك حول رئيس الجمهورية؟ ما رأيه برئيس الحكومة؟ ما موقفه من رئيس المجلس النيابي ومن رؤساء الكتل النيابية؟! ماذا يقول حول سياسة لبنان الخارجية؟! من أين كان له المال لينفق على أصدقائه، من أمثالك في مآدب الغداء والعشاء بغير حساب؟! هل سألته مرة عن دخله؟! هل حدثك مرة عن طبيعة مهمته في لبنان… فإذا كان، كما ادعى، ممثل الثورة الجزائرية فلماذا عيّنت الحكومة الموقتة غيره وأبلغت السلطات اللبنانية باسم السفير الجديد الذي اعتمدته؟ ولماذا سحب السفير المعيّن يده، منذ اللحظة الأولى من مسألة أحمد الصغير؟!
داخ الفتى بينما الأسئلة التي لا يعرف أجوبة عليها تنهال عليه كالمطر. وسرح بفكره إلى عمله، وما كان عليه أن ينجزه اليوم لتكون مجلة «الأحد» جاهزة للطباعة غداً. على هذا فقد سأل المحقق بسذاجة مطلقة: أستطيع وقد أنهيت استجوابي أن أنصرف عائداً إلى عملي؟!
ابتسم المحقق وقال بشيء من السخرية: ستبقى معنا لبعض الوقت، ويمكن لزملائك في «الأحد» أن ينجزوا العمل.
قال الفتى بكثير من اللهفة: إن أبي ضابط صف في قوى الأمن الداخلي، الدرك، أي أنه زميل لك، وهو يخدم حالياً في مخفر العبده. هل أستطيع أن أتصل به لأخبره بما أنا فيه حتى لا تصدمه الأخبار التي سوف تنشرها الصحف، استناداً إلى ما يتسرب إلى مندوبيها، فتظلمنا ونحن بعد قيد التحقيق؟!
قال المحقق بلهجة لا أثر للود فيها: اطمئن… لن ينشر أحد شيئاً قبل أن ننهي تحقيقاتنا.
سأل الفتى: وهل أستطيع إبلاغ الأستاذ رياض طه، وهو رب عملي، بما أنا فيه حتى يقدم شهادته فيّ، بما يوفر عليكم وعليّ، بالتالي، الكثير. إنه يعرفني جيداً، خصوصاً أنني أمضي أكثر من اثنتي عشرة ساعة يومياً في مكتبي، أحضّر المادة وأراجع ما يكتبه الزملاء قبل أن أدفعه إلى الإخراج، ثم أتابعه في المطبعة.
وردّ المحقق بجفاء: من المؤكد أنه عرف، وعليك أن تنتظر رد فعله، وهل هو مؤمن ببراءتك أم أنه سوف يترك لنا أن نكمل عملنا بأمانة ودقة، كما لا بد لاحظت، حتى نصل إلى الحقيقة التي تهمه كما تهمنا بالتأكيد.
^ صار هم الفتى ألا يحدث توقيفه صدمة لعائلته، خصوصاً أن أخته قد شهدت الفصل الأول منها، وهو مزعج ومقلق بقدر ما هو من خارج سياق السلوك الطبيعي الذي عرف به…
قال في نفسه: لسوف يتحرك رياض طه بالتأكيد، فيأتي بنفسه إلى هنا ليخرجني من هذا الأسر غير المبرّر، وسط اعتذار ضباط التحقيق على توقيفي من دون سبب مقنع وعلى استبقائي هنا من دون مبرر قانوني.
مضت الساعات بطيئة، ثم قبيل الغروب دخل على الفتى في زنزانته من يحمل إليه فراشاً وبطانية وبعض المخدات. قال من حملها إليه: هذه من أهلك، يمكنك الليلة أن تنام ملء جفونك.
كانت أخته التي أخفت الخبر عن الأهل نهاراً، متوقعة أن يعود إليها حراً لإيمانها ببراءته المطلقة من أية تهمة قد توجه إليه، قد تدبرت أمر إرسال الفراش عندما قاربت شمس النهار على الانطفاء من دون أن يعود إليها أخوها التي تعرف تفاصيل علاقته بصديقه الجزائري، خصوصاً أنها تؤمن ـ مثله ـ أنه يعمل لمصلحة بلاده وثورتها، ولا شأن له بكل الاتهامات التي تطلق ضده.
^ في اليوم الثاني كانت الأخبار أسوأ مما توقع: جاء الوالد وقد أثقله الهمّ. حاول أن يبتسم مطمئناً، لكن ابتسامته بدت مفتعلة. قال إنه ذهب «إلى الأستاذ رياض طه فأكد له أنه لا يصدق ما ينسب إلى الفتى، وأنه راجع بعض المسؤولين فوعدوه خيراً، طالبين إليه أن يصبر لساعات حتى ينتهي التحقيق فتظهر الحقيقة ويعود الفتى إلى مكتبه سالماً غانماً…».
مضت الساعات بطيئة، ومع غروب الشمس استدعي الفتى إلى التحقيق مجدداً، وألقيت عليه الأسئلة ذاتها، مرة أخرى: متى تعرفت إلى أحمد الصغير وأين؟! ماذا تعرف عنه بالضبط. عن علاقاته بالسياسيين والصحافيين في لبنان. عن موقعه بالنسبة إلى الحكومة الموقتة في الجزائر؟ عن علاقته برئيسه المباشر السفير كابويه؟
قال الفتى ما يعرفه، فظهر الغضب في نبرة المحقق: يبدو أنك لا تريد التعاون. إذن استعد لإقامة طويلة معنا. لكأنك لا تعرف مدى تورطك مع هذه الشبكة الخطيرة التي كانت تعد لانقلابات في أكثر من بلد عربي، والتي كانت تهرّب السلاح إلى أكثر من جهة.
صعق الفتى، إذ أنه لم يسمع يوماً من أحمد الصغير جابر كلمة واحدة عن السلاح، ولا عن بلاد أخرى غير الجزائر، ثم أن علاقاته ـ في حدود ما يعرف ـ كانت مع قوى سياسية وإعلامية لبنانية (أحزاباً وهيئات وشخصيات، رؤساء تحرير ومحررين وكتاباً من أصحاب الرأي…).
أعيد إلى غرفة اعتقاله فوجد أن «شركاءه» فيها قد صاروا ثلاثة. وفهم من أحدهم أنهم لبنانيون من أصول جزائرية، وأن أحمد الصغير كان يتواصل معهم شأنه مع سائر المتحدرين من أصل جزائري.
جلس الفتى في ركن مفكراً: أين رياض طه من هذا كله؟ إنه يعرف، بالتأكيد، المدير العام للأمن العام. بل ويعرف الرؤساء جميعاً والوزراء، وتكفي كلمة منه لإطلاق سراحه، فلماذا تأخر في إنجاز هذه المهمة؟ هل أُبلغ ما جعله يتردد، أو يتراجع، عن الشهادة ببراءة الفتى من كل ما يُنسب إليه، خصوصاً أنه من شجعه على توثيق علاقته «بهذا الثائر الجزائري الذكي والنشيط والذي يكاد يكون كتيبة مقاتلة، بذاته؟»؟!
^ قُبيل منتصف الليل، فتح الباب على المعتقلين في تلك الغرفة، وكان معظمهم نياماً، قفز الفتى وهو يفترض أن ما توقعه من تدخل رب عمله رياض طه قد حصل وأن أمراً بالإفراج عنه قد صدر.. ولكن سرعان ما خاب ظنه إذ قال له من جاء لاقتياده مخفوراً: المحقق يريدك لاستكمال الاستجواب، هيا، عجّل!
أدخل إلى غرفة فيها من قدّم إليه نفسه على أنه المفوض الممتاز والذي يملك حق القرار في شأن الإفراج عنه أو استبقائه في الاعتقال.
قال المفوض الممتاز بعدما أغلق الباب بحركة مسرحية: ستقول لي الحقيقة الآن، لكي أساعد على إطلاق سراحك… ثم اقترب منه ليهمس في أذنه: أنا الضابط الوحيد المسلم. وأنا على مثل إيمانك بالثورة الجزائرية فاطمئن! كل ما عليك أن تصارحني بكل ما تعرفه عن أحمد الصغير وشبكة علاقاته التي أؤكد أنك كنت خارجها، فأطلق سراحك فوراً.
قال الفتى بسذاجة الواثق من براءته: ولكنني قلت كل ما أعرفه.
بادره المفوض هامساً: لا بد أنك قد نسيت، وسط إرهاب زملائي، بعض الوقائع والأخبار عن أنشطة هذا الجزائري الذي خان ثورة بلاده، وأعماه الطمع فصار يعمل لمن يدفع أكثر. هيا، أرح نفسك، واستذكر ما نسيته من الوقائع، وأخبرني كل ما تعرف فأخرجك من هنا فوراً.
صمت الفتى للحظات وأخذ يستذكر مراحل علاقته بأحمد الصغير، متى جاءه أول مرة، وماذا سمع منه في اللقاءات المتعددة بينهما، ثم ما سمعه منه خلال اللقاءات التي حضرها مع الآخرين. لم يكن لديه ما يخفيه، فكل ما يعرفه لا يتجاوز محاورات أو مناقشات علنية مع بعض السياسيين أو المفكرين أو الإعلاميين في بعض المقاهي أو المطاعم، في المرات النادرة التي شارك مع الجزائري في جلسات كانت مفتوحة، ولم يكن في كل ما سمع ما يمكن اعتباره سراً.
عاد المفوض يقول بلهجة إنذار: لقد رفع الأستاذ رياض طه اسمك عن مجلة «الأحد». وهذا معناه أنه أكيد من تورطك في هذه العملية الخطيرة، وخير لك أن تصارحني فأساعدك، وإلا تركتك لزملائي المسيحيين الذين يكرهون العرب جميعاً والجزائريين خصوصاً لأنهم، كما تعرف، ما زالوا على ولائهم لفرنسا.
أصيب الفتى بالدوار، فلم يملك أن يزيد حرفاً، وإذا بالمفوض ينتفض واقفاً وهو يقول بحدة: حسناً! أنت تعرّض نفسك لخطر أكيد! أنت متهم بما يتجاوز تقديرك! إن ما سوف تتهم به قد ينتهي بك إلى السجن لسنوات عديدة. لقد أنذرتك فلا تقل غداً إنني قد قصّرت مع أخ في الإيمان بالدين الحنيف.
ثم مشى المفوض نحو الباب وصرخ بالحرس: تعالوا فخذوا هذا الولد الذي لا يقدّر خطورة ما هو فيه وما يتهدده.
وأعيد الفتى إلى زنزانته، فإذا «برفاقه» فيها يشتبكون في عراك دموي وكل يتهم الآخرين بأنهم قد وشوا به.
انتحى جانباً، وغرق في صمت عميق، ثم انتبه إلى دموعه تسحّ من عينيه فتحرق وجهه، وخاف أن يرى الآخرين دموعه فمسحها، وأدار وجهه إلى الجدار وحاول أن ينام.
مــن أقــوال نســمة
قال لي «نسمة» الذي لم تعرف له مهنة إلا الحب:
ـ وطني الحــب، أسكــنه ويســكنني، ينطقني الشعر وأتعلم منه الغناء. إن فارقتــه غدوت لاجئاً بلا خيمة، وإن فارقني ذهب مني اسمي.
مجرّح حبي الآن، وقد ضربه الخرس.
وها أنا أصرخ بوجعي لأستعيد حبي.