قرأت النعي مرة ومرتين وثلاثاً، برغم أنني كنت أتوقعه، ومع ذلك فقد بقيت أغالط نفسي وأفترض أن ثمة خطأ ما أو تشابهاً في الأسماء.. ذلك أن <علي نعيم العبد الله> الذي عرفه كل من زار <أبو ظبي> على امتداد العشرين سنة الأخيرة كان يقدم صورة لعاشق الحياة الذي يصعب أن يغادرها أو تغادره.على امتداد سنوات من الصداقة كنت ألتقي <أبا نعيم> في أبو ظبي كلما زرتها في المناسبات التي تسمح بعمل صحافي حاد. وكان يعاملني كأنه <ولي أمري> أو <كفيلي> أو المسؤول عن مؤانستي واستضافتي، مع كوني ضيفاً رسمياً… أو هكذا كان يعامل جميع الوافدين إلى تلك المدينة التي انبثقت من قلب الصحراء لتصير بفضل رعاية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان أشبه بجنة على الأرض، لأهلها بداية، ثم لمن ذهب إليها واضعاً كفاءته في خدمة نهضتها…. وحتى حين صادف بعض العقبات في عملها، ومعظمها نتيجة وشايات أو <عواطف> المتنافسين، فإن <أبا نعيم> لم يغيّر من عاداته، وظل <شيخ الشباب> والمكلف نفسه المسؤولية عن كل من يزور تلك الدولة الفتية انطلاقاً من عاصمتها الفاتحة قلبها <للأخوة العرب>.وكان أن سقط <أبو نعيم> مريضاً.. وطال مرضه، فتعذب معه أصدقاؤه ومحبوه، وهو يعاني من الآلام، ويذوب، بكل وسامته التي كانت موضع اعتزازه، حتى جاء قدر الله فرحمه ورحم عائلته والأصدقاء.علي نعيم العبد الله: سيبقى اسمك في وجدان كل من عرفك، فلقد كنت أقوى من الفقر وأقوى من الغنى، وأحببت الناس، كل الناس، كأنهم أهلك، وليس كثيراً أن يحس <أهلك> اليوم بالفقد، وأن يتقبلوا العزاء بك جنباً جنباً مع عائلتك المفجوعة بغيابك المبكر.