سيقول كثيرون إن عبد الحسين حامد قد اختار موعد موته في »العيد« لكي يؤكد للناس أن موعد »العيد« بعيد، وان لا مجال للأعياد في زمن الهزائم والانتكاسات والتفريط بقضايا الأمة من فلسطين الى الديموقراطية ومن العراق الى العدل الاجتماعي.
وسيقول آخرون إن عبد الحسين حامد قد تعب من مقاومة مرضه الشخصي وأمراض المجتمع، وكانت »الضربة القاضية« هي الخلاف الذي شجر صبيحة العيد حول »الهلال« فأضاع الحقيقة »الباهرة« قبل أن يضيع فرح الأطفال بالهدايا..
لكن الأمر الواقع أن عبد الحسين حامد قد رحل عن دنيانا، حاملاً معه سخريته ومرارته ورفضه للأوضاع المغلوطة التي طالما جهر باعتراضه عليها واستنكافه الخضوع لمنطقها، ولكنها كانت أقوى منه ومن أمثاله، بل إن وجوه السوء فيها تفاقمت الى حد الفضيحة في ظل التراجعات المستمرة لقوى التغيير، التي انتهى بها المطاف في خانة الذكريات بدل أن تكون في دائرة الفعل.
ومَنْ عبد الحسين حامد؟ قد يسأل البعض مستغرباً أن يستحق »معلم مدرسة« في التعليم الرسمي، المراثي وان تستخرج سيرته الذاتية من الظل الذي حرص أن يعيش فيه دائما.
مثلي، وأبناء جيلي في شمسطار ومنطقة غربي بعلبك، وفي منطقة النبطية بل ومعظم الجنوب، لا يمكن أن ينسوا هذا »المعلم« الذي لولاه (تحت إدارة السيد جعفر الأمين) لما كان واحد منهم قد استطاع أن يفك عقدة الجهل والتخلف، وان يعرف الطريق الى الجامعة بل الى العلم ومن ثم الى شيء من النجاح في الحياة العامة، وتعويض دهور الحرمان والقصور بسبب الأمية السائدة وانعدام فرصة اختراق جدار التحصيل العالي.
عاش عبد الحسين حامد »معلماً« ومات وهو يطلب المزيد من العلم، ويحرّض الناس على أن يغيروا بالمعرفة واقعهم، وان يتخلّصوا من »المفروض« بالعرف أو بالتقليد أو بالإقطاع، دينياً كان أم سياسياً.
… وصار »العيد« مناسبة حضور متجدّد لهذا الذي غاب في ظل الخلاف الفقهي حول »رؤية الهلال« لإعلان نهاية الصوم الطويل.
مرة أخرى يرتبط »المعلم« ب »العيد«..