طلال سلمان

سعاد هاشم الحسيني

تغرينا الحياة بالتصور ان الموت بعيدٌ عنا. يصيب الآخرين ولا يصل إلينا.
ويغرينا بعض أبناء الحياة بالتخيل انهم اجمل من أن يطالهم الموت، بحضورهم البهي، بدماثتهم، بحبهم للناس، بفرحهم بالحياة وبجهدهم المتواصل لكي تكون امتع وأروع، وبأن تغمر الناس بالبهجة.
سعاد الحسيني كانت مع زوجها الدكتور هاشم الحسيني وابنتيهما نموذجاً لمن ترى فيه الوجه المشرق للحياة. قاسية كلمة كانت لكن الغياب أقسى، وأن تحس فجأة أن إنساناً ودوداً، طيباً، محباً للناس، عاشقاً للحياة يتعامل معها بوصفها نعمة إلهية، ويعيشها وهو يجهد لكي يعطيها من ذاته ما يؤكد إيمانه بها كنعمة إلهية، قد سافر في الرحلة التي لا عودة منها، فلا بد ان تشعر بخيبة ما تتجاوز الفقيدة الى كل الناس، وتمسّك في علاقتك بالحياة، وأنت البعيد الذي كانت تسعدك المصادفات بالتلاقي مع الأسرة الهانئة في جو النعمة تلك.
مع غياب إنسان مثل سعاد هاشم الحسيني تستشعر ظلماً مع تسليمك بأن الموت حق، وأن لكل منا أجله المكتوب لا يتقدم لحظة ولا يتأخر ثانية… لكن ذلك لا يلغي تساؤلك المر: ولماذا هي، واليوم بالتحديد؟.. ثم تنتبه ان تساؤلك نفسه ساذج، وتكاد تتبرأ منه لأنه يتضمن نوايا سيئة ضد غيرها.. ثم انه، في الحالات جميعاً، لن يغير من الواقع المكروه شيئاً.
تستذكر الآن كيف ساق القدر السيد ابن شمسطار الذي ما تزال لهجته تشي بكونه مهجراً من الجبل الذي تغرب خلفه الشمس الآن، وكان أجداده يستقبلونها بوجوههم، الى ابنة كنعان في بوداي التي تقع على الطريق التي سلكتها العائلات المهجرة قبل قرون، لتستقر على حافة السهل، وكيف نجح هذا الثنائي المجتهد في تحقيق طموحات علمية واجتماعية يحس كل من عرفهما انه شريك فيها لأنها قامت على العلم والجد والصدق وعدم الانحناء للضغوط والابتعاد عن الوساطات والشفاعات وكل ما يمكن ان يخدش الكفاءة والجدارة.
لقد خسرنا سيدة كان حضورها القصير جميلاً. اصدق العزاء للعائلة التي قدمت نموذجاً للنجاح والسعادة وعاشت حياتها ببساطة وطيبة وود، ولم تطلب من أحد إلا مثل ما تعطي.

Exit mobile version