بهدوء مبعثه الإيمان بالحق، استقبلت »رشيدة« التي حملت اسم جدتها لأبيها وجدة زوجها »حسن«، رحيلها الذي كان قد بات محتوماً،
لم يكن يشغل بالها الا الإعداد لفرح وحيدتها بين اخوتها الثلاثة، »منال« التي يمكنك ان تستغرب كيف يتحمل جسدها النحيل كل تلك الارادة القوية. كانت تعرف ان أبناءها جميعا يعرفون طريقهم الى غدهم، وانهم سيتابعون مسيرتهم بنجاح.
»رشيدة« التي رحلت قبل الموعد المفترض، تركت في أسرتها ما يشهد لها بصفات »الأم« كاملة. فمثل كل الذين جاءوا من الحرمان كان عليها ان تناضل لكي تنمي في ابنائها الثقة بالنفس والقدرة على إثبات الجدارة بتحقيق مستقبل كالذي يراه ابناء الموسرين حقاً مشروعاً يأتيهم على طبق من فضة.
»رشيدة« الثانية كانت قديرة كرشيدة الجدة، وان كان »العصر« قد مكنها من تحقيق بعض احلامها في ابنائها بأكثر مما كان متاحا لتلك الجدة الطيبة التي انتصرت على اعتلال الصحة وعلى الضيق في الرزق وانسداد الافق بالجهل ونقص المعرفة بأحوال الدنيا، فأنشأت غابة من الرجال الذين عرفوا طريقهم الى حياة افضل من تلك التي لم تتيسر لها.
رحم الله »رشيدة« التي اثبتت جدارتها باسمها.