قلة قليلة من المرشحين هم أولئك الذين يتمنى الناخبون في أي دائرة لو انهم يستطيعون الاقتراع لهم، متخطين حدود الطائفة او المذهب او الحزبية او الدائرة المسورة بقانون الستين!
وقلة أقل من المرشحين هم أولئك الذين يشعر ازاءهم أي ناخب بأنه يرى في نجاحهم انتصاراً له بالذات وفي خسارتهم انتكاسة لبعض مطامحه الشخصية.
جان عبيد واحدٌ من هذه القلة النادرة التي يتمنى ناخبون في معظم الدوائر، ان لم نقل جميعها، لو انه كان مرشحاً في «دائرتهم» ليستطيعوا ان يتباهوا بأنهم قد اعطوه اصواتهم.
وجان عبيد واحدٌ من قلة نادرة بين المرشحين يجاهر الناس، خارج دائرته وداخلها، بأنهم منحازون اليه، ويرونه أكبر من النيابة سواء فاز بالمقعد الذي يكبر به ام أسقطته تحالفات غيلان المال والغرائز المستثارة والعصبيات الملتهبة بالقصد المقصود، محلية وجهوية، دينية وطائفية ومذهبية، والأحقاد التي يختلط فيها الشعور بالذنب والمعاناة من القصور الذاتي.
يكاد هذا الرجل ان يكون الاستثناء بين جمهرة السياسيين في لبنان. إنه ليس مثلهم. ثمة مزايا فيه… لا تتوفر في معظمهم. ليست فقط الفصاحة وسرعة البديهة والشجاعة الأدبية فقط. ليست فقط الثقافة والمعرفة العميقة بأصول الدين التي تتناقض مع العصبية الطائفية والمذهبية، فقط. ليس فقط نجاحه في تقديم نفسه باعتباره «الرجل الوطني العام» الذي يتجاوز باهتمامه كما بمشاعره المناطق والجهات، ليظل أقرب إلى الناس حتى ليراه أبعدهم بالجغرافيا عنه انه يمثله… ليست فقط عروبته المصفاة التي تتجاوز الحزبية والولاءات للزعامات برغم الصداقة العميقة معها. إنه كل ذلك معاً!
إنه الاستثناء، بشخصه، كما بكفاءاته، بوده العميق، كما بشجاعته الأدبية التي تجعله في الخصومة فارساً وفي الدفاع عن الحق والقيم، والصداقة والوفاء، فارساً.
هو الاستثناء! ليس ابن دار زعامة، وليس سليل اقطاع. مع ذلك فهو يكاد يكون معروفاً في آخر قرية من لبنان، جبلا وبقاعاً، جنوبا وشمالا فضلا عن الاميرة بيروت. بل انه معروف اكثر من عديد من الرؤساء والأمراء في العديد من العواصم العربية. يشهد له خصومه قبل محبيه وأصدقائه،
مكانته في دمشق ليست أقل مما هي في بيروت، وفي الرياض ليست اقل منها في القاهرة، وفي اليمن ليست اقل مما هي في الجزائر… انه «العربي» المكتمل!
جان عبيد: نسيج وحده.
لقد بنى شخصيته المميزة يوماً بعد يوم، وبنى علاقاته بالناس على مدار الساعة، لا يقصر في واجب ولا يغيب عن صديق في محنته، ولا يشمت بخصم اذا نكب، بل يقف الى جانبه مواسياً.
جان عبيد: يكاد يكون الوحيد الذي كلما اوصلته كفاءته الى منصب، قال الناس: إنه يستحق الأعلى.
لذلك فإن جان عبيد سيكون شهادة لطرابلس التي فيها نشأ وفيها تعلم وفيها تظاهر رافعاً صوته بالمطامح الوطنية والمطالب التي تعنيها، طرابلس التي حملها دائماً في قلبه وانتمى الى تاريخها القومي بوعيه بمصالحه، اذا ما افترضنا ان له مصالح في أي مكان!
تاريخ طرابلس يشهد لها بالوفاء، فكيف بها مع هذا الذي يباهي أقرانه بأنه ابنها، وبأنها صاحبة الفضل في ما هو عليه وفيه.