طلال سلمان

جاسم حمد الصقر

انطوت صفحة مضيئة من تاريخ الكويت برحيل واحد من رجالاتها الكبار الذين أعطوها حتى من قبل إقامة الدولة الجدارة بدور في قلب أمتها العربية، هو المرحوم جاسم حمد الصقر.
وعائلة الصقر بدورها في بناء الكويت الحديثة غنية عن التعريف، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي، فضلاً عن السياسي… كذلك بدورها المميز في إرساء النظام الديموقراطي، فمنها كان رئيس أول مجلس شورى (1921) وهو حمد الصقر والد الفقيد جاسم، وجدّ الزميل العزيز الذي هجر الصحافة الى العمل البرلماني محمد جاسم الصقر. كذلك منها كان أول رئيس لمجلس الأمة (1963) بعد قيام الدولة، وهو الراحل عبد العزيز الصقر.
ولقد اجتهدت الأسرة ذات الوجاهة في تعليم أبنائها، وليست مصادفة أن الراحل جاسم الصقر، الذي تلقى دروسه الأولى في الكتّاب ، ثم انتقل الى البصرة ليكمل تعليمه الثانوي، ثم الى برمانا لكي يدرس اللغة الفرنسية، قبل أن يعود مرة أخرى الى العراق فينهي تعليمه الجامعي بالحصول على شهادة الحقوق من كلية الحقوق في جامعة بغداد (1943).
كنت أنا وأبناء جيلي نعيش المد القومي على مختلف الأصعدة. وأذكر أننا في مدرستنا الابتدائية في البصرة كنا ننشد كل صباح: بلاد العرب أوطاني، من الشام لبغدان، ومن نجد الى يمن، الى مصر وتطوان … وفي 2 نوفمبر (ت2) من كل عام كنا نخرج في تظاهرات لمناسبة ذكرى وعد بلفور…
… ولم تكن الكويت مع نخبة من أبنائها بعيدة عن ميدان المشاركة في القضية الفلسطينية، وأستطيع أن أقول إن بعض الكويتيين كانوا يساهمون في عملية سرية لتهريب السلاح والمؤن الى الثوار في فلسطين.. فكانت البنادق والذخيرة تصل الى سواحل الكويت، ثم تحمل الى منطقة المطلاع على ظهور الجمال، ثم ترسل الى البصرة لتدخل في طريق عبر محطات كثيرة في العراق الى منطقة البوكمال في سوريا ثم الى فلسطين على ظهور الجمال.. .
ولقد لعبت أسرة الصقر دوراً في النهضة الثقافية في الكويت، فساهمت في إنشاء بعض النوادي القومية ذات المضمون الفكري والثقافي.. أما على الصعيد الاجتماعي فقد كان آل الصقر رواداً في الانفتاح وفي توطيد الأواصر بين الكويتيين وبين أهلهم العرب خارج الكويت.
وأما على الصعيد العمراني والنهضة الاقتصادية فآل الصقر من الأعلام.
رحم الله الفقيد الذي كان يؤمن بالعمل الصامت ويبتعد عن الأضواء، لكن جهوده الطيبة باقية في مجتمعه.
وليس لنا ما نعزي به آل الصقر عموماً وزميلنا الذي سيبقى صوته مدوياً وإن أسكت قلمه محمد جاسم الصقر غير أن نقول: إن من أعطى أعطى والدك وعمك وسائر أهلك سيبقى في وجدان الناس وذاكرتهم. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

Exit mobile version