طلال سلمان

بطرس نوه بحياد سياسته الخارجية تكريم الرئيس فؤاد شهاب في اليرزة وإطلاق اسمه على كلية القيادة والأركان

حين تلقينا بطاقة الدعوة الصادرة عن قائد الجيش العماد ميشال سليمان أعدنا قراءتها مرتين: هل انتبهوا أخيراً الى ضرورة تكريم مؤسس الدولة الحديثة في لبنان الامير اللواء الرئيس فؤاد شهاب؟
الدعوة لافتة لأسباب عدة: شخص الداعي، المناسبة واتصالها بعيد الاستقلال، ثم الرغبة في إعادة الاعتبار الى القائد المؤسس للجيش الوطني بعد مجهودات حثيثة بذلت في السنوات الاخيرة لطمس ذكره والترويج لغيره.
ثم ان تكريم فؤاد شهاب بالذات، في هذه اللحظة السياسية، وفي غياب الرئيس العماد اميل لحود، ومع تجاوز العماد الآخر »المتربص« ميشال عون، يعني تكريم مجسد الوحدة الوطنية وعلاقات الاخوة العربية، في الجيش اللبناني.
الخطباء أربعة، وكلهم من أصحاب الحق الشرعي في الحديث عن فؤاد شهاب: القائد الجديد لكلية الاركان في الجيش، العميد الياس فرحات، وقد اختير لكونه خريج الدفعة التي حملت اسم فؤاد شهاب، اثر وفاته (1973)، واللواء المتقاعد أحمد الحاج الذي كان أمين السر ومدير مكتب الرئيس المنضبط كالساعة السويسرية والصارم الذي لم يعرف المجاملة في »الواجب«، ثم الامير حارث شهاب الممثل الشرعي لأرومة أسرة آل شهاب العريقة التي تمتد جذورها الى قريش والتي توزعت ذريتها اللبنانية على الاديان والمذاهب (السنة والدروز والموارنة) مقدمة مثالا على تهافت موقع الانتماء الطائفي في السياسة. ثم كان الختام مسكاً مع فؤاد بطرس المؤتمن على تراث فؤاد شهاب، من موقع المؤمن بدوره في بناء الدولة، المعجب أيما إعجاب بنزاهته ونظافة كفه وتقديمه الدولة على الدين والعائلة والصداقات والعلاقات الاجتماعية.
ضم الحشد جمعاً ممن أعطوا أعمارهم للجيش، بينهم قائد سابق وعدد من رؤساء الاركان ومن كبار الضباط المتقاعدين، أما الوزراء فلم يشارك من بينهم إلا وزير العدل (الشهابي المنبت) شارل رزق.
كان اللقاء عائلياً… وكانت تجربة للأمير العماد المؤسس الرئيس، رافض التمديد والتجديد، هي الحاضر الاكبر، من الجيش الى رئاسة الدولة، الى جهده في محاولة تجديد بنائها على أسس من الحداثة والنزاهة، وعلى قاعدة من الايمان بالمصير المشترك مع الاشقاء العرب، وسوريا بداية وعلى وجه التحديد…
وكان لا بد أن يمر في سماء القاعة طيف جمال عبد الناصر واللقاء الوحيد (والفريد) الذي جمعه والرئيس فؤاد شهاب عند نقطة الحدود الدولية مع سوريا (أيام دولة الوحدة الجمهورية العربية المتحدة).
كان اللقاء عائلياً. لكن المناسبة كانت سياسية بامتياز، وقد أطلقت مجموعة من الرسائل الى عناوين يعرفها المرسل كما يعرف المتلقي دلالاتها ومعانيها.

أطلقت قيادة الجيش اسم الرئيس فؤاد شهاب على كلية القيادة والاركان بحيث صار اسمها »كلية فؤاد شهاب للقيادة والاركان«.
جرى في قاعة العماد نجيم في اليرزة، وبرعاية وحضور قائد الجيش العماد ميشال سليمان امس، احتفال تكريمي للرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب، وإطلاق اسمه على كلية القيادة والاركان، وذلك في إطار برنامج سنوي لتكريم رجالات لبنان بمناسبة عيد الاستقلال الذي باشرت به قيادة الجيش اعتباراً من هذا العام، حضره عدد من الوزراء والنواب وقادة الجيش السابقون وممثلون عن الاجهزة الامنية وعدد كبير من الضباط ورجال الفكر والسياسة والاعلام وذوو الرئيس.
بدأ الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني، تلاه كلمة عريف الاحتفال المقدم دانيال الحداد من مديرية التوجيه، ثم كلمة قائد كلية فؤاد شهاب للقيادة والاركان العميد الركن الياس فرحات، الذي أشاد بمزايا الراحل الكبير ودوره في بناء المؤسسة العسكرية ومحاربة الطائفية وترسيخ عقيدة الجيش في التصدي للعدو الاسرائيلي.
بعدها ألقى السفير السابق، رئيس مؤسسة فؤاد شهاب اللواء أحمد الحاج، كلمة سرد فيها تجربته مع اللواء فؤاد شهاب في بناء المؤسسات ومواقفه الوطنية التاريخية، مستشهداً بالعديد من أقواله التي أكد فيها أهمية الوحدة الوطنية في بناء المجتمع، وأسس بناء الاستقلال والمحافظة عليه.
كما ألقى الامير حارس شهاب الامين العام للجنة الوطنية الاسلامية المسيحية للحوار، ورئيس جامعة الامراء الشهابيين كلمة ذكّر فيها بدور العائلة الشهابية في صنع تاريخ لبنان، مشدداً على شخصية الرئيس شهاب العصامية وزهده بالمناصب ومغريات الحياة، مشيداً ببادرة قيادة الجيش الكريمة.
وختاماً كان الكلام للوزير الاسبق فؤاد بطرس الذي روى تجربته في عهد الرئيس شهاب محدداً ثلاثة محاور تميز بها النهج الشهابي وهي:
مفهوم الرئيس شهاب للسياسة وكيفية ممارستها جعله يستحق لقب رجل دولة.
سياسة الرئيس شهاب في الحقل الخارجي التي اتسمت بالاتزان والحكمة وعدم الانحياز مما ساعد على حماية سيادة لبنان وتأمين مصلحته.
احترامه لمبدأ استقلال القضاء وفصل السلطات.
بعد ذلك دعي الجميع الى مقصف القيادة لحضور معرض تذكاري ضم صوراً وألبسة ومقتنيات خاصة بالمحتفى به الى جانب حفل تبادل أنخاب بهذه المناسبة.

Exit mobile version