كلما حاول اللبنانيون، تأكيد وحدتهم وتماسكهم خلف مطالبهم المشروعة تدخل أزلام الطوائف الذين لهم من يدفع لهم ثم يحرضهم ويكلفهم بتخريب المشروع السياسي للتغيير، واحباط اهلهم، فيعود الناس إلى نقطة الصفر، وهلمجرا..
تكفي شتيمة واحدة لبعض الزعماء! وتوجيه اهانة إلى المقدسات والرموز الدينية، حتى تتحول التظاهرة إلى ساحة معركة، ويعود الزعماء على احصنتهم المطهمة ليركبوا موجة التغيير.. تغيير الشعب بتقسيمه إلى طوائف ومذاهب مقتتله، فتنتهي التظاهرة بزيادة منسوب التأجيج الطائفي، وتُداس المطالب بأقدام الطوائفيين.
ممنوع بالأمر أن يتحول الكيان إلى وطن، وان يعود اللبنانيون شعباً واحداً.. عليهم أن يظلوا طوائف ومذاهب مرتهنة لهذه الدولة او تلك، لأسباب مذهبية او طائفية، فان كانت سياسية صار التركيز على قيادتها او محركيها في الداخل او الخارج لضرب اهدافها الاصلية او حرفها عن مسارها بتطئيف شعاراتها لتتحول إلى فتنة.
كأنما لبنان محكوم بأن يظل “كيانا” لا “وطناً”، وشعبه طوائف ومذاهب لا بعض “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”، كما كان شعار حزب البعث العربي الاشتراكي، او حركة القوميين العرب، او بعض “الامة السورية” كما كان يقول القوميون السوريون.
لقد بُني هذا الكيان على قواعد طائفية، منذ مائة سنة بالتمام والكمال.. وحين عرض الفرنسيون أن يأخذ من الارض شمالاً حتى طرطوس رفض البطريرك الحويك، وأصَّر على أن ينال الجنوب.. وحين تم تذكيره بأن اهل الجنوب من الشيعة اكتفى بأن رد قائلاً:-” مش مهم، انهم بياعو بيض”!
دار الفلك: سقطت امبراطوريات، وزالت دول، وأقيم الكيان الاسرائيلي فوق ارض فلسطين، منطلقا للتوسع والاعتداء على الدول العربية من حول فلسطين… وظلت “الطائفية” قائمة وثابتة في لبنان، ولعل “النموذج” الاسرائيلي قد اغواها بأن المستقبل سيكون لها.