خافتة الصوت، مضيئة الوجه، لماحة الفكر، متينة اللغة، مخلصة لمن ولما تؤمن به، لا تحب الجدل، تقول رأيها وتدافع عنه، لا تعرف الطائفية او المذهبية، لا تحسب السياسة على الطريقة اللبنانية: مجادلات تموه الموقف وتغطي الخطأ السياسي بالخطيئة الطائفية…
هذه بعض صفات الداعية نهى الحسن..
انها الرئيس سليم الحص بالمؤنث: الصفات نفسها تقريبا، علو الهمة، الاستعداد المفتوح للتضحية، من دون استغراق في حساب الارباح والخسائر..
ربما لهذا تماثلا وتشابها حتى التكامل: تقول ما يفكر فيه، وقد تسبقه فيبتسم مطمئناً، الى أن شريكة الفكر والمُثل حاضرة، تعوض غيابه، وتكمل ما يفكر فيه، وتنظم الندوات لشرح ما يضمره من دون أن يقوله، مطمئنة إلى انها انما تنجز واجبا شبه مقدس..
ابنة بتوراتيج في الكورة، شمالي لبنان. والدها عارف باشا الحسن من مؤسسي الجيش الاردني، وقد كان من المقربين إلى الملك فيصل الاول الذي اسقطه الفرنسيون عن عرش سوريا، فأخذه البريطانيون إلى عرش العراق، مع نهاية الحرب العالمية الأولى.
تابعت تحصيلها العلمي لنيل درجة الدكتوراه بين باريس ولندن، حيث حازت الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها والترجمة من جامعة لندن SOAS.
عملت استاذة في كلية الآداب والعلوم الانسانية بالجامعة اللبنانية، وتميزت اهتماماتها الجامعية بتركيز مبكر ومعمق على الشاعر العربي الكبير المتنبي، وقد وضعت في دراسته كتابا يعتبر من المراجع الجامعية التأسيسية.
لها عدد من المؤلفات والأبحاث الأكاديمية في مجالي الادب العربي والترجمة.
ساهمت مع الرئيس الحص ونخبة من المثقفين الوطنيين في تأسيس ندوة العمل الوطني، واستمرت في رئاسة اللجنة الثقافية في الندوة منذ بداية النشاط الثقافي للندوة، واستمرت في رئاسة هذه اللجنة إلى حين وفاتها.
شاركت في نشاطات ثقافية ومؤتمرات علمية عديدة في لبنان والخارج.
عُرفت بصلابة انتمائها الوطني والتزامها العروبي وتمسكها بالقضية الفلسطينية مطلباً قومياً عربياً.
بهدوء كان يميز تصرفاتها جميعاً، ارتحلت الدكتورة نهى الحسن، التي عرفناها في ندوة العمل الوطني، محاورة ممتازة، راقية في سلوكها، انيقة في كلامها، محبة للناس، عاشقة للثقافة، دؤوبة في انجاز ما تعتبره واجبها كصاحبة رسالة.
رحم الله الدكتورة، الباحثة، المستنيرة والداعية لكل ما هو حق وجميل ويحترم كرامة الانسان.