طلال سلمان

إيلي بوري: عكا تهاجر من كندا…

…وأخيراً كندا؟ لكنها ليست الطريق إلى فلسطين!
هو لم يأت بيروت لاجئاً. جاءها من عكا بوصفها مدينته الاخرى، خلف الجبل. وتلبّث فيها منتظراً، بين أهله، أن يناديه الذين طلبوا إليه الخروج لكي يعود. لكن المنادي أضاع صوته، وظل إيلي بوري يسلي انتظاره بإعادة اكتشاف الهوية العربية.
كانت الحركة القومية العربية في فوران، وانتظم الطلاب الذين كانوا على وشك التخرج في صفوفها، وفي حين ذهب بعضهم مع العمل الحزبي الى تنظيم الخلايا السرية تمهيدا لمباشرة العمل المسلح فإن ايلي بوري قد اختار ان يبقى في حقل الدعوة، وهكذا صار بين النشطاء في النادي الثقافي العربي.
ولأن لدى ايلي بوري موهبة التمييز بين المعادن كما بين الرجال، فقد اختار ان يعمل في مجال الذهب… وحقق في هذا المجال نجاحاً طيبا، حتى أجمع عليه الصاغة نقيباً.
لكن ايلي بوري ظل على اهتمامه السياسي بالشؤون القومية جميعاً وبالقضية الفلسطينية خاصة. ولذا فقد كان له كرسيه الدائم في النادي الثقافي العربي، كما في اي منتدى او تجمع يتخذ من العروبة شعاراً او موضوعاً للنشاط.
ولما طال انتظار العودة الى عكا، أصاب إيلي بوري مرض ضرب ساقيه، فاستعان على المرض بعكاز… ثم اضطر لان يغادر الى كندا حيث له بعض عائلته، وحيث كان يأمل ان يجد الطريق قبل ان يشفى فيعود الى كندا ماشيا فوق الماء.
رحم الله ايلي بوري، هذا الذي ظل قابضا على إيمانه بعروبته حتى النفس الأخير.

? نعاه المنتدى القومي عضوا في مجلس امنائه وأحد مؤسسيه وأحد ابناء الرعيل القومي العربي. والبوري هاجر الى لبنان من عكا اثر نكبة 1948 ودخل الجامعة الاميركية وكان من ألمع وجوهها الطلابية ورئيسا لجمعية العروة الوثقى بعد ان كان في صفوف حركة القوميين العرب وصديقا لمؤسسيها. حافظ على اقامته في الحمراء كأحد الصاغة ونقيبا للصاغة. شارك في المؤسسات الثقافية والقومية ولا سيما النادي الثقافي العربي ودار الندوة واللقاء اللبناني الوحدوي واللقاء الثقافي الفلسطيني والمؤتمر القومي. غادر عام 2004 الى كندا حيث كان يدرس ابناؤه وأجرى جراحات الى ان توفاه الله. وخلص المنتدى الى ان النقيب بوري كان مثالا جمع بين الالتزام الخلقي والوطني، فلسطينيا حتى النخاع مؤمنا برسالة لبنان الحضارية متمسكا بعروبة حضارية ديموقراطية.

Exit mobile version