طلال سلمان

أربعة أعوام على غيابه الإمام شمس الدين: في منطقتنا أكثريتان ولا أقليات

يضيق الشيخ محمد مهدي شمس الدين »بشيعيته« عندما تحجزه عن اسلامه فيتجاوزها بوعي ناضج وإيمان عميق(*)، ويضيق ايضا بالمحلية وهو يحسها تضغط عليه تكاد تحجزه عن عروبته وعن مداها الأرحب، فيتملص منها وإن كان يعرف ان موقعه في المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى يفرض عليه قدرا من الانضباط داخل واقع مفروض حتى لو كان مرفوضا.
»فالفكري« في »الامام« المجدّد أهم من »السياسي« فيه، والتاريخ بماضيه والحاضر والمستقبل، وخصوصا المستقبل أرحب بكثير من اليوميات وتفاصيلها السمجة.
لكأنه اثنان في واحد، هذا المحاصرة عيناه الذكيتان، داخل البياضين، عمامته واللحية التي غطاها الشيب تماما سابقا في ذلك العمر: فهو محكوم بلبنانيته وشيعيته ودوره في نظام يوزع المقامات وفق توازنات دقيقة بين الأديان بطوائفها والمذاهب، وهو صاحب طموح مشروع الى دور اسلامي عربي، وبالاستطراد انساني شامل، يخرج به الى الأفق الذي يرى في نفسه الكفاءة علما واجتهادا يعطي فيه ما ينقصه.
ولقد تقصدت »السفير« ان يغلب الجانب الفكري على ما عداه في هذا »الحوار« مع الرجل الذي تكاثرت عليه ألقابه بعد ان استحدث الآخرون وخصوا انفسهم بألقاب جليلة كان في ما مضى امتياز لتلك القلة من العلماء المراجع القاعدين الى كتبهم وتلامذتهم ومريديهم في النجف الاشرف.
ونقول »الحوار« مجازا لأن الشيخ محمد مهدي شمس الدين، كأي فقيه يهتم بشرح فكرته، اهتمامه بعنوانها، فينطلق في تفصيلها وتوضيح ابعادها في ما يشبه »المونولج الذاتي، وتخاف ان تقاطعه فيضيع منكما السياق وتخسر الفكرة شيئا من مضمونها.
كنا نريد منه اعادة تقديم فكرته المبتكرة عن »المتحد العربي الاسلامي«، وهل هي محاولة لمصالحة تاريخية بين القومية والدين،
كذلك كنا نريد ان نسمع عن الموضوع الذي شغله كثيرا في الفترة الاخيرة وهو: الشيعة العرب ودورهم في مجتمعاتهم، وصولا الى دور الشيعة في لبنان، مع وقفة خاصة امام المقاومة وصلتها بالشيعة، ان كانت لها صلة مميزة،
وأخيرا فقد أردنا محطة حوار خاصة حول مصر ودورها، انطلاقا من ان سماحته مدعو لزيارتها قريبا، ومكلف نفسه باستكمال بدايات في مجال التقريب بين المذاهب، خصوصا وان الأيادي السوداء تفجر بين الحين والآخر مشكلة شيعية في مصر لضرب مثل هذا التوجه واحتمالاته الخيّرة، عربيا وإسلاميا.
(…) الشيعة العرب
÷ ننتقل الى المحور الثاني في حوارنا وهو محور الشيعة العرب، وقد لعبتم في الفترة الاخيرة دورا ربما هو غير مفهوم تماما من الناس في موضوع الشيعة وعلاقتهم ببعض السلطات والأنظمة. هل هناك شيء اسمه الشيعة العرب؟ أليس هذا فصلا للشيعة عن مجتمعاتهم؟ وهل هذا لخير الشيعة ان يعاملوا كخلية مذهبية أم انه علاج لمشكلة مزمنة ومحاولة لدمج الفئات داخل مجتمعاتها ومصالحها مع السلطات؟ ما هو منطلقكم في هذا الموضوع؟
{ مصطلح شيعة عرب ينطلق من واقع موضوعي حيث يوجد شيعة عرب.
÷ شيعة عرب أو عرب شيعة؟
{ لا فرق! يوجد عرب تمذهبوا بمذهب معين. الشيعة بكل انتماءاتهم القومية التاريخية واجهوا مشكلة انفصال عن مجتمعاتهم. قسم من المشكلة نتج من سلطات وجماعات ثقافية في المجتمعات غير الشيعية، وقسم نتج من داخل الشيعة أنفسهم، إذ إنهم ميزوا انفسهم عن مجتمعاتهم. ولعهد طويل وعريق في التاريخ، ولأسباب لا يتسع المجال لذكرها، اعتبر الشيعة بمثابة منافس سياسي محتمل دائما للقوة او الفئة الحاكمة. لا داعي للخوض في الأسباب، إنما هذا خطأ مأساوي ومدمر، حدث داخل الاسلام وأدى الى ان يُعزلوا، والى ان يعزلوا هم انفسهم، ومن هنا تعرضوا لخطر الانغلاق والانفصال عن مجتمعاتهم. هذا الأمر واكب الوجود الشيعي طيلة العهود التاريخية ودخلنا في العصر الحديث على هذا الأساس. واجهنا هذا الأمر اكثر ما واجهناه في العالم العربي ولم نواجهه في ايران لأن اغلبيتها شيعية، ولذلك اقول في كل معادلة: باستثناء ايران. في تركيا وُجد مثل هذا الانفصال، بشكل او بآخر، وفي شبه القارة الهندية وفي افغانستان وجد، وحيث كان هناك شيعة وجد.
اتُهم الشيعة في العصر الحديث بعد نمو فكرة القومية وبعد انتاج الكيانات الوطنية. الشيعة استُهدفوا دائما باتهام، تارة بأنهم ينتمون الى عرق غير عربي، وتارة بأنهم يحملون ولاء سياسيا لغير مجتمعهم، وتارة بأنهم يحملون ولاء دينيا لغير مجتمعهم. وهذه الامور انعكست على البنية التنظيمية للشيعة في داخل الأمة وعلى طريقة مشاركتهم في صنع مصائر أوطانهم. واجهنا حالة تمييز واضحة. وفي العقود الأخيرة، مع نمو الحركة الاسلامية في العالم وانخراط الشيعة فيها وما رافقها من فكر وممارسات العنف، وتزامنت هذه مع الثورة الاسلامية وتشكيل الجمهورية الاسلامية في ايران، التصق بالشيعة مفهوم الارهاب.
÷ يعني ان المعارضة صارت إرهابا؟
{ اتهام قابل للنقاش. أنا لا أريد ان أتحدث الان عن معارضة شيعية. في العالم العربي حالة يمكن تسميتها معارضة ويمكن تسميتها اضطهادا او خطأ وضعوا فيه. حتى أني لا استطيع ان أسميها معارضة لأن اي معارضة تنبني على اساس مذهبي تفقد شرعيتها. المعارضة هي عمل سياسي راقٍ جدا.
ترافق هذا الأمر مع حالات تنظيمية. ونحن شعرنا بمسؤولية او مشكلة مزدوجة: مشكلة ان الشيعة ينظرون الى أنفسهم نظرة لا اعتبرها نظرة صحية، وهي بالتعبير العامي أنهم »غير شكل« او اسلام »غير شكل« ووطنية »غير شكل« الخ… بينما هم في واقع الحال ليسوا »غير شكل« إنما مثل شكل غيرهم. كان يوجد حالة تمايز وامتزجت بشعور بالاضطهاد والمظلومية، وهذا أمر خطر ويدمر صاحبه. وقد عملت وما أزال على ان هذا الامر غير جائز. فالشيعة ليسوا »غير شكل« الى اي قومية انتموا. وأنا أحارب ايضا اي توجه ثقافي موجود في الغرب وقد لاحظت ذلك خلال زيارتي العام الماضي لاميركا وكندا يحاول ان يدرس الشيعة باعتبارهم حالة خاصة. وأسأل: لماذا لا يدرس الاحناف او الحنابلة او الشوافع باعتبارهم حالات خاصة؟ وأنا أعتبرها نية سيئة وخطأ يقع فيه الشيعة انفسهم اذا قدموا انفسهم على أساس انهم حالة خاصة. ان اقول ان الشيعة هم مذهب من اصل عشرة مذاهب. وأنا أحارب كل من يحاول ان يدعي ان هذا هو الواقع. السنة ايضا أخطأوا بأن تقبلوا هذه النظرة ورأوا انه يجب محاربتها قبل ان تصل الى المؤسسات.
المسألة الثانية ليست ناشئة من الشيعة، بل من الآخرين، وهي اعتبار الشيعة بمثابة مشروع ينتمي الى خارج الوطن والقوم. نسترجع الآن الموقف التركي من الشيعة العرب أيام السلطان سليم. أنا لا أقبل باعادة هذا التاريخ. من هنا، لا يوجد عندي مشروع شيعة عرب. أطلب من الشيعة الاندماج بهذه الشبكة والموالاة لهذه المجتمعات والإحساس بمشكلاتها والمشاركة في تحمل مسؤوليات هذه المشكلات. لا أريد ان يكون هناك شيعة سعوديون لديهم مشروعهم خارج المجتمع السعودي، وكذا في الكويت والعراق ولبنان وسوريا. يوجد مجتمع عربي في السعودية وغيرها.
يقول البعض: حصتنا لم نأخذها، فكيف نقبل؟ أقول لهؤلاء اقبلوا! وأنا لا أدعو الى إثارة مشاكل انتماء لأنه ينقصنا خمسة موظفين. يجب الغاء حالة الشك والنظرة المختلفة، وأن نقول شيئا في الوجه وأن نقول شيئا آخر في الخفاء. أنا كنت دائما اقول عن المجتمعات الطائفية اللبنانية إنها مجتمعات تآمرية. في الصحافة نقول شيئا وفي المجالس الخاصة نقول اشياء مختلفة.
أقول من على منبر »السفير« لأبنائي الشيعة والسنة إن هذا النهج هو نهج أئمة اهل البيت، وأنا أوصي ان تقرأ رسائل الامام جعفر الصادق الذي ينسب اليه تيار التشيع. إن كلامي هو ترجمة معاصرة للمواقف الفقهية للإمام جعفر الصادق الذي يدعو الشيعة الى الغاء التمايز وأن يكونوا نخبا مندمجة في مجتمعاتهم.
إيران فاتيكان الشيعة
÷ الملاحظ ان هناك شعورا بالخوف يتزايد عند الشيعة في العالم العربي، والاكثرية الحاكمة تتعامل معهم على اساس تحويلهم الى أقلية. هل هناك محاولة لجعل ايران فاتيكان الشيعة العرب؟
{ هذا الأمر لا نوافق عليه. ايران دولة اسلامية واقليمية كبرى ويجب ان تتمتع بكل حقوق الدولة الكبرى في منطقتنا. اطروحة ان هناك أمناً في المنطقة من غير ايران لا يمكن تصورها. والعالم الغربي يجب ان يرى الامور على حقيقتها. أما عن كون ايران مرجعية دينية للشيعة، فأنا اولا لا أراها كذلك، وقد عبرت عن ذلك مرارا. فلا هي مرجعية دينية ولا سياسية. ايران دولة اسلامية نحترمها ونقدرها وتستحق منا الدعم حينما تواجه صعوبات، سواء باعتبارها ايران المسلمة او ايران الايرانية، لأنها تواجه مشروعا عدوانيا ضدها سواء بحكاية »الاحتواء المزدوج« او اي مشروع آخر يستهدف سلامتها الداخلية او الاقليمية. ومن هذه الناحية نرى الامور تماما. اما ان نسلم بمرجعيتها فحينئذ ينبغي التسليم الى مرجعيات اخرى ولأقوام آخرين في المنطقة، وهذا سيخلق حالات مواجهة أنا لا أعتقد انها في مصلحة الايرانيين، وهو بالتأكيد ليس في مصلحة لا الشيعة ولا غيرهم، وحتى ليس في مصلحة المشروع الاسلامي. ونحن نرى ان هذه النظرة التي سوّق لها البعض وأنا لا أنسبها لايران إنما أنسبها لبعض الناس المنتفعين من الانتماء الى ايران هذا التسويق أنتج سلبيات على كل الوضع الشيعي وليس في العالم العربي فقط، والمثال على ذلك ان احد ابعاد المشكلة الافغانية حاليا هو هذا الواقع. ايران فاتيكان؟! اصلا مشروع الفاتيكان ناشئ من طبيعة العقيدة نفسها وما تفرضه من تراتبية في المسألة الدينية والايمانية. في الاسلام هذا الأمر غير ممكن، وإلا تصبح مصر فاتيكان السنة او السعودية او الباكستان فاتيكان سنة آسيا. المطلوب الآن ليس خلق جزر نتحاجز بها إنما المطلوب خلق اجواء ثقة وإعادة الاعتبار للروح العامة. أما خلق جزر هنا وهناك فيجوز ان يفيد في منبر المناورة. أما في الاستراتيجية، ونحن نواجه الآن خيارات استراتيجية، فإن هذا الأمر لا يجوز، وما نحتاج اليه هو كفاءة تنظيمية افضل بكثير من السياسات الصغيرة وتسجيل نقطة هنا او نقطة هناك.
مرجعية شيعة لبنان
÷ من هي المرجعية العليا لشيعة لبنان؟
{ المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى.
÷ هذه نقطة خلاف؟
{ دائما توجد نقاط خلاف حتى عند غير الشيعة. أنا انظر للامور هكذا والجمهور الشيعي ينظر للامور هكذا. أنا اعلم ان هناك جهة وربما اكثر من جهة لا تسلم بهذا الأمر.
÷ هل مؤسسة المجلس الشيعي قدمت شيئا اضافيا لشيعة لبنان؟
{ باعتقادي ان المجلس اضاف الكثير للشيعة. كان المجلس وسيلة لنقل الشيعة من حالة الطاقة المبددة الى حالة الطاقة المكونة المتجمعة في الستينيات، وقادها حتى وصل الى مرحلة معينة. والآن الوضع التنظيمي للدولة والمجتمع في لبنان تغير عن تلك الفترة، وبالتالي فإن وظيفة المجلس تغيرت عن تلك الفترة. الآن المجلس لا يعمل في السياسات التفصيلية. أنا لا أدعو المجلس الى الدخول في مثل هذه السياسات. المجلس قاد الشيعة سابقا الى المشاركة. الآن المشاركة موجودة وهذا يعني ان هذا المشروع قد أنجز. ترى هل المجلس يدخل كفريق شيعي بديل عن السياسيين او مواز لهم كما كان الأمر في الستينيات والسبعينيات؟ أنا لا ارى هذا، وأرى بالمقابل ان يهتم المجلس بالمسائل الاسلامية الاستراتيجية الكبرى مثل المتحد القومي الاسلامي، اي ان يُدخل الشيعة الى اطر ينبغي ان يدخلوها او يُخرجهم من حالات حرجة، والقيام بدور مؤسسة الرقابة على المجتمع والدولة مثل سائر المؤسسات المماثلة او كما ينبغي ان تكون هذه المؤسسات. المجلس يمثل الآن رؤية ثقافية دينية حضارية للشيعة اللبنانيين خارج أطر التنظيمات الحزبية وخارج اي ولاء لغير الاسلام باعتباره انتماء دينيا، وغير الولاء العربي باعتباره انتماء قوميا.
المجلس خارج السلطة
÷ خارج السلطة؟
{ نعم خارج السلطة.
÷ ولكن يبدو أحيانا جزء من السلطة؟
{ تارة نلاحظة ان المجلس ملتزم بمشروع الدولة. نعم المجلس ملتزم مشروع الدولة بلا تردد في مقابل كل المشاريع الفئوية. اما انه جزء من مشروع السلطة فأنا أعطيت توجيهاتي الى المعنيين في دوائر المجلس لجمع وثائق المجلس الاساسية والثانوية من لحظة التأسيس وصدور البيان الاول الى آخر جلسة، وأطلب ان تجرى دراسات لمعرفة درجة اندماج المجلس في صيغ السلطة وسياسات السلطة او معارضته لها او رقابته عليها. وسيرى الجميع ان المجلس كان دائما الرقيب وفي كثير من الحالات كان معارضا وفي بعض الحالات كان داعما من منطلق ان هذا الموضوع ينسجم مع مشروع الدولة وليس مع مشروع هذا السياسي او ذاك او هذه الحكومة او تلك.
الشيعة والدولة
÷ هل جرى التطبيع بين الشيعة في لبنان ومشروع الدولة بعد ولادة اتفاق الطائف؟
{ أنا أعتقد ان الشيعة صاروا طوائف الدولة، وأنا أنبه الشيعة ونخبهم قبل عامتهم ان أحد رهانات العالم الغربي هو على وجود اسلام شيعي في مقابل اسلام سني، وعندئذ لا يبقى من مسلمين.
÷ ألا توجد خصوصية ثقافية عند الشيعة؟
{ على صعيد التمذهب الخاص فالتمايز موجود. الآن يوجد مساجد للشافعي والمالكي ويوجد شوافع يصلون وراء الامام المالكي. نعم أنا اقول للشيعة لماذا لا تصلون جماعة في المساجد الاخرى، كما اقول للسنة لماذا لا تأتون الى الصلاة في المساجد المسماة مساجد شيعة. هذه الخصوصية الثقافية يجب ان نلغيها. توجد علامات ثقافية معينة متمايزة عند الشيعة مثل عاشوراء وتوجد عند الآخرين علامات ثقافية متمايزة ايضا. وأنا اقول إن التمايز الثقافي الزائد عن اللزوم خطأ ينبغي التخلص منه.
أنا أقول إن وحدة المسلمين تقوم على توحيد نظام المصالح السياسية. ما لاحظناه من تمايز الشيعة، يريد البعض من الشيعة عن طريق الخطأ ان ينشئوا لأنفسهم نظام مصالح خاصا داخل المجتمع الشيعي، والمجتمع السني يدفعهم في هذا الاتجاه. أنا أقول بكسر هذا النظام من المصالح وأن يستبدل بنظام مصالح وطني اقتصادي سياسي تنظيمي ويبقى التنوع الثقافي. التمايز المذهبي موجود وهو تمايز مبرر ولكن الوصول الى »تسنين« الشيعة او »تشييع« السنة فهذا خطأ. وأنا أدين كل محاولة لتغيير مذهب شخص او فكر. هذا الفكر موجود يقرأه من يقرأه فيقتنع به او لا يقتنع. أما ان توضع سياسة تمذهب فهذا خطأ يُصيب الشيعة والسنة والاسلام (…).

(*) السفير 23/1/1997. وتعيد »السفير« نشر المقابلة في الذكرى الرابعة لرحيل الامام محمد مهدي شمس الدين

Exit mobile version