صار الموت، الكثير من الموت، المصدر الوحيد و»المبرر« الوحيد للخبر عن فلسطين والفلسطينيين!
إن لم يسقط عشرة شهداء، فما فوق، من الأطفال والفتية والنساء والشيوخ، لم ترد في النشرات الإخبارية لمحطات التلفزة، الأرضية والفضائية، أية إشارة الى الفظائع اليومية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد فلسطين وشعبها.
لا عودة الاحتلال الإسرائيلي الى كامل الضفة الغربية ومعظم غزة الأسيرة، تشكل خبراً يستحق أن يذاع أو أن ينشر، كأنما »الطبيعي« ان تظل كل فلسطين محتلة الى الأبد!
.. ولا فرض المنع الدائم للتجول على مجمل المدن الفلسطينية، من نابلس الى جنين، مرورا بالخليل وطولكرم وقلقيلية، فضلاً عن القدس الشرقية، يمكن اعتباره خبراً… فماذا لو بقي مئات الآلاف من البشر محصورين في بيوتهم المهددة بالهدم في أي لحظة، أطفالهم جوعى الى الحليب والخبز، وطلابهم ممنوعون من الذهاب الى الجامعات أو الى المدارس، ولو للتعويض عن أيام التعطيل الإجباري بقوة، عرائسهم ممنوعات من »اقتناص« لحظة فرح انتظرنها طويلاً لكي ينتقلن الى بيوت الزوجية، ولو بلا زغاريد وبلا حلقات دبكة… وعلى الأرجح عبر المرور على المقابر لقراءة الفاتحة على أرواح الأشقاء والأهل من الشهداء؟
لا خبر إلا الموت الذي صار عادياً لدرجة »تبرئة« القاتل! صار القتل »حرفة« الإسرائيلي و»واجب« الفلسطيني، فأين الخبر في أن يمارس كل منهما مهنته أو مهمته التي اختارها!!
طمس مشروع الحرب الأميركية على العراق لتحريره من نظامه غير الديموقراطي، كل أخبار فلسطين، أخبار الجنازات اليومية، ومسلسل هدم البيوت والأكواخ وتجريف الأراضي ونسف الورش والدكاكين، وكذلك عزلة »السلطة« المحجور عليها الآن بتهم عديدة أبسطها الفساد والدكتاتورية وتفرد رئيسها (المنتخب ديموقراطياً بإشراف أميركي إسرائيلي مباشر).
إذا صار موت الفلسطيني بديهيا، سقط الاهتمام بالعدد فالعشرة مثل العشرين، وما قيمة شهيد واحد أو شهيدين، فتى بعمر الورد، أو فتاة مشرقة كما الزنبقة، أو مجاهد يستفز ببطولته المتسترة دائماً المعسكر الأميركي المندفع بجنون في حربه ضد »الإرهاب«.
أيها الفلسطينيون: موتوا لنتذكركم، أما إن بقيتم أحياء فإلى النسيان. لا يتذكر الضحايا الضحايا. أما أنظمة العجز فتنسى الموتى، ولو شهداء، حتى لا يأخذها بهم الجلاد.
أيها الفلسطينيون: موتوا لتبقى قضيتكم حية! لا يتسع العالم الأميركي الإسرائيلي لكم ولها. لا يتسع الوقت العربي لكم ولها. لا يتسع الوقت العربي لإرهابكم. فليرحمكم الله!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان