من حق مرسيل خليفة ان يطور أسلوبه، وأن يعيد تقديم نفسه الى جمهوره بحلة مختلفة عن التي عرفه من خلالها وصار لا يرى الا عبرها.
لقد انتهت مرحلة ”التعبئة” الجماهيرية.
ومن المنطقي ان يجيء ”العقل” الآن متقدماً على الحماسة، وان يتجه النتاج الى ذوق الناس، فيعزز ثقافتهم الموسيقية، بدل ان يظل التركيز على عواطفهم ومشاعرهم المستثارة.
كما تبدلت القصيدة والمقالة والدراسة والرواية، لا بد من ان يطرأ شيء من التبدل على الموسيقى والاغنية.
ومن حق مرسيل خليفة الموسيقي ان يتوغل في دنياه الخاصة محاولاً ابتداع أسلوب أرقى وأكمل وأعظم ثقافة موسيقية للتعبير عن ذاته.
لقد كانت موسيقاه، بداية، في خدمة الكلمة.
الكلمة هي مركز الدائرة، والموسيقى وكذلك صوته هما اطار مجسم لإبراز المعنى: تنساب كنهر الحزن، او تتهدج بالشجن المعتق، او تفور بالغضب وتنزف الجراح كبرياء لا يذهب بها الزمن.
أما الآن فهو يريد ان يقول ”بلغته”، بالموسيقى وحدها.
ومن حق مرسيل خليفة الذي استوطن متزاملاً دائماً مع غيره وجدان جيل الفورة التي تحطمت على صخور اليأس والإحباط والخيبة، ان يجتهد مفتشاً لنفسه عن لغته الخاصة يقول فيها ما كان يرغب دائماً في ان يقوله منفرداً.
ولنسمع مرسيل خليفة، الآن، بعقولنا بعدما استمع طويلاً الى أحزاننا وغناها فأبكانا.. على طريق الثورة التي لما تتم طريقها.