على مدار الساعة، نهاراً وليلاً. قبيل الصبح ومع الغياب يسجل الفتية الفلسطينيون بطولات في مواجهة المحتل الإسرائيلي..
في القرى والبلدات كما في المدن، في محيط القدس كما في قلبها، يواجه الفتية والفتيات من أبناء فلسطين جيش الاحتلال الإسرائيلي بدمائهم فيصرعون عساكره وهم يستشهدون.
في الخليل والناصرة وبيت لحم وأم الفحم يتصدى شبان فلسطين لمحتل أرضهم وقاهر إرادتهم بما ملكت إيمانهم من السلاح: الحجر، الخنجر، سكين المطبخ، المسدس، والرشاش اذا ما وجد، ليعلنوا أن أرضهم لهم ولن يتنازلوا عنها أبداً ..
وها هي معركة المسجد الأقصى تفتح من جديد: يحاول جيش الاحتلال منع الفلسطينيين من الصلاة في المسجد الذي خصه العلي القدير بنعمته فبارك من حوله، ويصرون على ممارسة حقهم في عبادة المولى القدير وتأدية الصلاة في مسجدهم ذي التاريخ المضيء… وتنفجر المواجهة بين الإيمان والعسف، بين الحق والباطل، بين أصحاب الأرض ومحتليها بالقوة العسكرية والتآمر الدولي والتخلي العربي.
يتساقط الشهداء فوق الأرض المحتلة والأنظمة العربية مشغولة عنهم بمعاركها الدونكيشوتية المفرغة من المعنى: السعودية تقاتل فقراء اليمنيين وتدمر بلادهم ذات الحضارة السابقة على وجود المملكة المذهبة بقرون عديدة، والسعودية ومعها الإمارات والبحرين (وقد أضيف إليها مصر بقوة الحاجة) تقاتل قطر.. ويشتبك النفط والغاز وتهدر الملايين من الدولارات بينما الملايين من العرب يموتون جوعاً، أو في حروب ظالمة تشن عليهم من الخارج والداخل، تارة باسم الإسلام، وهم السابقون الى الإسلام، وطوراً باسم التقدم ومواجهة التخلف والعصبية القبلية.. وهم المستجيبون الى دعوى التقدم الساعون لبناء الغد الأفضل.
كل اقتتال عربي خارج فلسطين هو هرب من مواجهة العدو الإسرائيلي .. وكل الحروب المفتعلة والصراعات العبثية حول الزعامة والقيادة انما تحسم من قدرة العرب على توحيد صفوفهم لمواجهة عدوهم القومي الذي يكاد يختصر ويجسد كل معوقات تقدمهم نحو العصر ..
فلسطين هي القضية، وكل الحروب خارجها تآمر عليها.