هتف محمود درويش بحرقة: لقد عدنا إلى .1948 عدنا إلى موقع المنكوب الذي يستحق من إخوانه التعاطف المعبّر عنه بالصدقة والإحسان. انطوت القضية ومراحل النضال من أجل التحرير. عاد شعب فلسطين إلى موقع اللاجئين في الداخل كما في ديار الشتات.
حاولت أن أستوضح، لكن صوته المجرّح بالوجع واصل تدفقه عبر سماعة الهاتف من رام الله: كنت في دمشق قبل أيام للمشاركة في تأبين الشاعر محمد الماغوط والروائي عبد السلام العجيلي. وحيثما مشيت كنت أرى اللافتات المرفوعة تدعو السوريين إلى التبرع للأشقاء الفلسطينيين … ومع تقديري للتعاطف والرغبة الأخوية الصادقة في مساندة شعب فلسطين المحاصر بدبابات الاحتلال الإسرائيلي والخلافات السياسية والمهدد بالجوع، بل لعله يعيشه، فلقد أشعرتني تلك اللافتات بالمرارة، وأعادتني إلى ذكريات ,1948 حينما كان الفلسطينيون قد أخرجوا من بلادهم هائمين على وجوههم، ولم يكن إخوانهم العرب يملكون أن يساعدوهم بغير محاولة تأمين المأوى وجمع التبرعات والصدقات التي توفر لهم أسباب العيش.
? ? ?
قبل أسابيع قليلة أطلقت جامعة الدول العربية بلسان أمينها العام عمرو موسى نداءً مؤثراً يستحث العرب القادرين على التبرع لشعب فلسطين الذي فرض عليه العالم ذل الجوع بالحصار الذي ضربه الغرب، خضوعاً لأمر القيادة الأميركية، على حكومته الجديدة المنتخبة ديموقراطياً.
ومع أن مبادرة عمرو موسى مشكورة إلا أنها جارحة في إيلامها: إنها تقول إن الدول العربية جميعاً قد صدعت صاغرة للأمر الأميركي الإسرائيلي، فامتنعت عن تسديد التزاماتها المؤكدة بقرارات القمم (!!) المتعاقبة، وتركت شعب فلسطين المحاصر والمجوَّع والمهان بإنكار هويته، يمشي إلى الحرب الأهلية بقدميه، ولا سيما أن هذه الظروف مجتمعة تأخذه إلى اليأس المطلق من الأهل ثم من الأصدقاء ومن الضمير العالمي الذي كانت تأتيه منه بعض النجدة.. ولو معنوياً.
ولقد تفضلت بعض الصحف، وربما بعض الفضائيات العربية، على الجامعة العربية، بنشر إعلانات مجانية تستحث فيها هيئات المجتمع المدني والأفراد على تقديم التبرعات نقداً أو عيناً، محددة أرقام حسابات معينة لدى بعض المصارف..
أما كيفية إيصال حصيلة هذه التبرعات التي مهما بلغت فلن تقيم أود الشعب الفلسطيني، ولن تفرج أزمة الحصار الدولي المفروض عليه، فلا تزال معلقة على شهادة حسن سلوك تمنحها الإدارة الأميركية بإذن خاص من الحكومة الإسرائيلية، لجهة فلسطينية ما، غير الحكومة بالتأكيد، بما يكفل التعجيل بتحويل الانقسام السياسي الفلسطيني إلى حرب أهلية، أو أقله إلى فوضى مسلحة بتعبير محمود درويش.
? ? ?
وقف الكونغرس الأميركي بهيئتيه، مجلس الشيوخ ومجلس النواب، 18 مرة لرئيس الحكومة الإسرائيلية الذي لم يكن في أي يوم شخصية تاريخية ، ولم يقدم أي فكرة جديدة أو أي تعهد بتنفيذ الوعود الأميركية للفلسطينيين، بل أكد تطوير خطة شارون لتذويب معظم فلسطين في الدولة العبرية.
? ? ?
خلال الشهور الخمسة الأخيرة ارتفعت أسعار النفط في الأسواق العالمية من 30 إلى 70 دولاراً للبرميل الواحد… وبالتالي فقد تضاعفت مداخيل دول النفط العربية (أي السعودية والكويت والإمارات وقطر وليبيا والجزائر، مع إسقاط اليمن والسودان والبحرين)، ويمكن احتساب الزيادة ببضع مئات من مليارات الدولارات.
بالمقابل، خسر عرب النفط في مضاربات البورصة التي باتت مهنة لربات الخدور إضافة إلى الرجال والفتية، في بعض الأقطار العربية، ما مجموعه تقديراً ثلاثمئة مليار دولار ($ 000.300 فقط لا غير.
أما في المجالات الحيوية الأخرى، التي ليس بينها الاستثمار التجاري أو العقاري، فحدّث ولا حرج.
? ? ?
هي عودة إلى 1948؟!
مع تصحيح بسيط يا محمود درويش: ربما هي 1948 قبل الميلاد أو قبل الهجرة، أو قبلهما معاً.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان