إذا ما استثني أمر الاعتراف بشرعية الحكم القائم، التي تسلم بها فرنسا، فإن ما قاله ميشال عون، من الملجأ الفرنسي الجديد في مرسيليا، لا يضيف الكثير إلى ما قاله ويقوله في هذا الحكم بعض أطرافه واقطابه المبرزين المتحصنين في “دولهم” الخاصة “التحالفة” مع “الدولة المركزية” حتى إشعارآخر.
… وهذا أول غيث قانون العفو الخاص – العام الذي فصل على مقاس “الجنرال” وأقرانه من “السلف الصالح” أبطال الحرب الأهلية، فأغراه كما أغرى ” شركاءه” أو “ورثته” بأن يرمي “الدولة” بدائه وينسل، وبأن يطمر بالحجارة والشوك بئرها التي شرب من “مائها” حتى الثمالة!
… وإذا كان المجني عليهم قد أسقطوا حقهم و”صالحوا” وغفروا لمن أساء إيلهم، وسامحوا لصوص المال العام بما نهبوه منه، فلماذا نلوم فرنسا التي عزز ميشال عون ودائع مصارفها ببعض ما جناه عبر الحربين اللتين خاضهما خلال “عهده” الذي بالكاد امتد لعامين؟!
وبأي حق يمكن أن يطالب البعض الفرنسيين بما لم يقم به أصحاب العلاقة من المسؤولين اللبنانيين؟!
لم يتجرأ الحكم على محاسبة ميشال عون، لا عن الجرائم ولا عن الجنح، فترك له فرصة التجرؤ عليه واتخاذ صفة المدعي أو الضحية تمهيداً لأن يتحوّل بعد حين إلى “بطل” وصاحب قضية!
تحاكمه أو يحاكمك! فالعفو هنا ليس تبرئة للجاني بل هو أقرب لأن يكون تواطؤاً معه وتستراً على جريمته…
لكأنام المجني عليه يخاف من أن تشمله الإدانة، فيسعى لأن يشمله العفو عن الجاني الذي يتخذ في هذه الحالة موقع الشريك.
وبغض النظر عن الديماغوجية في منطق جنرال المعارك الخاسرة، وهي رافقت عهده الميمون من البداية إلى نهايته التشرينية، فإن استباق إدانته القضائية بالعفو عنه قد مكنه من الاستمرار في ادعائه “البراءة مما نسب إليه”، ونقل النقاش إلى مستوى “كم من الملايين في ذمته” إلى مستوى “كم هو مظلوم ومقهور هذا الشعب الذي يُنفى أبطاله ويشهر بقدسيه ثم يبقى في السلطة الأزلام والأصنام والمختلسون والتافهون الذين لا يمثلون أحداً”!!
و”الشعب” مظلوم ومقهور، بالفعل، مرتين: مرة بالعفو الذي منحه من لا يملك لمن لا يستحق، ومرة ثانية بأن “تبرئة” أبطال الحرب الأهلية، جميعاً، المقيم منهم والمهاجر و”المنفي” إلى “الجادة السادسة عشرة” في باريس، قد جعلته – هو الشعب – يبدو وكأنه الجاني الوحيد على أمسه وحاضره ومستقبل بلاده.
مرة أخرى تثبت “القيادات” وبالملموس إنها مظلومة بشعبها، وإنه لو قيض لها شعب آخر لغيرت الكون!
مرة أخرى تتكاتف “القيادات” جميعاً على إدانة الشعب الذي قصر في محاسبتها وتسامح معها – مضطراً – فحاكمته وحكمت عليه وحرمته من أن يشمله العفو، عاماً كان أم خاصاً.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان