دفع العرب غالياً “ثمن” اتفاق “بعضهم” الفلسطيني مع عدوهم الإسرائيلي،
وها هم فلسطينيو الاتفاق بالذات يدفعون آخر ما تبقى لهم أو لديهم ثمناً لتنفيذ ما تيسر من اتفاق الإذعان ذلك، أو للإيحاء باحتمال تنفيذ البنود الملتبسة والغامضة وحمالة الأوجه “حى ليحتاج كل بند منها إلى اتفاق خاص”.
ونتيجة لاضطرار فلسطينيي الاتفاق إلى الدفع صاغرين فسيصبح الإسرائيلي في وضع أقوى وهو يحاول أن يبتز “العرب” المعارضين والمتمسكين بحقوقهم في أرضهم ليفرض عليهم التنازل عما لا يجوز التنازل عنه.
بل إن هذا الإسرائيلي سيصبح أقوى على “الوسيط النزيه” الأميركي، فيرفضه وسيطاً بينه وبين الفلسطيني المستسلم لابتزازه لأنه لم يعد يملك غير التسليم، بر غمأن تأجج الانتفاضة – مع انكشاف اللعبة الإسرائيلية – يوسع أمامه هامش المناورة ويمنحه زخماً طيباً لتحسين الشروط.
وهكذا ينتقل الأميركي من دون “الوسيط النزيه” إلى دور ناقل رسائل التهديد الإسرائيلية إلى سوريا، وعبرها إلى لبنان وبأبشع الصيغ: التجاهل المطلق،
وتدريجياً يمارس الأميركي مع الأطراف العربية التي لم تسلم بعد بالشروط الإسرائيلية ابتزازاً من درجة أرفع: وماذا يمكنني أن أفعل طالما أن بعضكم يستسلم للإسرائيلي، وبشروطه، فيعطل دوري ويحرمني فرصة ممارسة الضغط لاستنقاذ المبادئ التي قام عليها مؤتمر مدريد، ولحماية التأكيدات التي قدمتها لكم!
ثم يتطور الدور الأميركي تدريجياً إلى ابتزاز مكشوف: إن إسرائيل قوة نووية لا قبل للعرب مجتمعين بمواجهتها، فكيف وأنتم على هذه الحال من الفرقة والانقسام والتواطؤ بعضكم ضد البعض الآخر؟!
وبإمكان الإسرائيلي اليوم أن يباهي الأميركي بأن الصلح المنفرد الذي نظمه مع مصر السادات في كامب ديفيد قد “عزل” القاهرة حتى سقوط صاحب التوقيع صريعاً على أرض مدينة المعارض، في حين أن الصلح المنفرد الذي نظمه الإسرائيلي بالذات مع قيادة ياسر عرفات قد أعاد
