محركة هي حشيشة الكيف، وملعونة هي نبتة الأفيون، ومشكورة هي الجهود المبذولة لإتلاف هاتين النبتنين الشيطانيتين حيثما وجدتا.
لكن ماذا عن المزارع، وتحديداً في منطقة بعلبك – الهرمل؟!
هل تشغل أوضاع البائسة بال أحد من المسؤولين الذين نشطوا لمكافحة مصدر دخله “غير المشروع”؟!
هل فكر أحد بأهالي تلك المنطقة المرفوعة على صليب الأهمال والنسيان منذ دهور، والغائبة عن أي تخطيط “للنهوض الاقتصادي” أو “الإنماء المتوازن” وسائر مبتكرات أهل الطائف الذين خرجوا عليه لكي يدخلوا الحكم أو الذين دخلوا فيه فعلياً لأنهم خرجوا أو أخرجوا من الحكم؟!
هل ذهب أي من المسؤولين فدرس أحوال المنطقة وأهلها ولماذا تحولوا من الزراعات الطبيعية التي توارثوا الخبرات حولها أباً عن جد، من القمح والعدس والشعير والحمص، ومن الخضار عموماً، وحتى من الفاكهة كالمشمش خاصة إلى الكرز والخوخ واللوز والرمان، إلى زراعة النبتات الشيطانية كالأفيون وحشيشة الكيف؟!
هل درس أي مهتم (ممن في ديهم أمور السلطة) متى بدأ التحول من الزراعات الطبيعية إلى الزراعة الممنوعة، وكيف “قمع” إلى حد التحطيم أولئك المزارعون الذين استجابوا لأول عرض تلقوه بأن يتخلوا أو يهجروا الاتجار بالسم، الموجه لغيرهم وفي خارج البلاد، مقابل معهد بسيط بأن تضمن لهم الدولة السعر العادي جداً لإنتاجهم الزراعي الطبيعي؟!
لا يقال هذا الكلام في مجال التبرير، بل في مجال إدانة الدولة التي دفعت مواطنها دفعاً إلى التورط في الغلط، ثم شنت عليه حملة تشهير “دولية” قبل أن تدينه بجرائم خطيرة أولها الإرهاب وأخرها تخريب النظام العالمي الجديد بترويج المخدرات في أوساط “سادتنا” الأميركان!!
إنه بلد غريب: مجموع شعبه مدان، لكنه حكامه أبرار أطهار ومنزهون عن الغلط وعن الحرام.. كأنهم أسقطوا علينا من عالم الفضيلة والطهارة والنزاهة بالمظلة؟!
والطريف أن “الراشي” قد نصب نفسه قاضياً لمحاسبة “المرتشي”، وإن المستفيد الأكبر من الاتجار بالمخدرات قد قفز إلى موقع النيابة العامة وهو يوجه التهمة إلى الزارع البسط، وهو في آخر السلم بالنسبة للمستفيدين من الاتجار بالسموم، إذ أنه بالكاد يعوض عرقه وسهر الليالي في رعاية النبتة التي تدر الملايين على النافذين في الداخل (وخارج بعلبك – الهرمل) وفي الخارج البعيد!
أما المؤلم فهو أن مزارعي المنطقة برمتها، أي عموم أهلها، يعانون الأمرين الآن: فزراعاتهم المشروعة تبور في أرضها، إذ لا تجد من يشتريها، ولو بالسعر الذي يوفر لهم الكفاف، فأبواب مملكة الذهب الأسود والصمت الأبيض ما تزال مقفلة في وجوههم، وبالتالي كل أقطار الخليج، ثم إن المنتوج الزراعي الوافد – تجاوزا وبالرشوة المكشوفة – يباع بأسعار لا تقبل المنافسة، فكيف يواجه فرد دولة؟!
… وما تبقى في الذهن أن “البعلبكي” خارج على الدولة ومتاجر بالممنوعات!
أية دولة؟!
إنها في منطقة بعلبك – الهرمل “المخدرات” الوحيدة المتاحة للجمهور “شرعاً”: تسمع بها فتدوح، وتغيب عن الوعي، وبذلك تبقى الدولة وإن غاب الشعب!
المساعدات الكويتية.. مرة ثالثة!
صارت الكويت محطة ثابتة في حركة مسؤولينا سعياً وراء المساعدات أو الهبات أو حتى القروض، ميسرة أو معسرة!
وهكذا، وللمرة الثالثة خلال بضعة شهور، سيكون على كبار المسؤولين في الكويت أن يوقفوا اهتمامهم بالقضايا الاستراتيجية العظمى، كتعديل الجغرافيا وتزوير التاريخ، ليستقبلوا “رئيساً” من رؤساء لبنان الكثر!
أحد الخبثاء من هواة الأرقام اكتشف أن مجموع ما أنفق على رحلات الاستعطاف “الرسمية” يكاد يعادل ما ناله لبنان من مساعدات كويتية حكومية!
لكن بعض السذج اكتشفوا أن مجموع ما يطلبه لبنان، مع المبالغة، لا يصل إلى واحد في المائة مما أهدره بعض النافذين في الكويت في الاختلاسات التي ضج بها العالم، والتي توزعت مراكزها بين لندن ومدريد والكويت ذاتها.
هذا من دون إضافة المبالغ المهدورة الآن على تقسيم الصحراء إلى “صحراءين”، وإقامة خندق بين “الصحراء العراقية” وبين “الصحراء الكويتية” بحيث يمتنع الاتصال البري بين “الأصل” وبين “الفرع”، ويأمن الحاكمون في الكويت على أنفسهم من غارة عراقية لم يتحسبوا لها؟!
ترى من يفوز من بين المتحكمين بأرضنا وثرواتها في مباراة “دولية” للغباء، وليس للجنون، فالمجانين أذكى وأكرم من أن يتصرفوا بمثل هذا الاستهتار بحقائق الحياة وعقول الناس!
… ولا بأس من “تنظيم” مثل هذه المباراة، وبرعاية صاحب الرعاية الكلي النفوذ والهيمنة: محرر الكويت من آخر فلس فيها!
وفي ما يعني لبنان فإن أباس ما في أمر هذه الرحلات الموجهة إلى “النخوة” و”الشهامة” و”روح الأخوة” تعزز بفشلها التيار الانعزالي والمعادي للعرب في هذا البلد الذي قدم الروح والدم والأرض والمال في معركة هي في اساسها وتفرعاتها معركة قومية!!
أما في ما يعني الكوين فنجرو ألا يعود “الرئيس الثالث” الذاهب إليها غداً بقائمة بأسماء الشركات الأميركية والغربية التي رفعت عن اللائحة السوداء بعدما أسقطت الكويت الرسمية “المقاطعة”، وأباحت أرضها لكل المتعاملين مع إسرائيل وتعزيز قدراتها العسكرية والصناعية والإنتاجية.
فنحن لم نعد نطمع بمساعدات كويتية،
المهم، أن تتوقف عنا الطعنات في الظهر بينما ما يزال لبنان يواجه الاعتداءات الإسرائيلية اليومية في “ياطر” بجبل عامل، كما في واشنطن، ودائماً تحت الرعاية الأميركية.
درعي.. أسرة عربية حاكمة!!
في أخبار إسرائيل إن و زير داخليتها درعي قد “تنفس الصعداء” عندما أبلغته النيابة العامة بلائحة الاتهامات الموجهة إليه وبينها الارتشاء واستغلال النفوذ وتسخير منصبه الحكومي لأغراض خاصة.
لكم هو “لبناني” هذا الوزير الإسرائيلي!!
لكأن “درعي” أسرة حاكمة عربية، ولكن في قطر فقير، لأن الأسر الأخرى في الأقطار الغنية هي الراشية – المرتشية في آن،
من البوسنة إلى فلسطين
هل هي مصادفة أن تنظم هي الإبادة الجماعية للمسلمين في موقع وجودهم الأوروبي اليتيم، البلقان، في هذا الوقت بالذات.
.. خصوصاً وإن عمليات القتل المنظم واليومي لمسلمي البوسنة والهرسك تترافق مع عملية تشهير واسعة النطاق بالمسلمين في كل أرضهم، عن طريق دمغهم بالإرهاب والتخلف ومجافاة العصر، تستوي في ذلك مصر مع إيران، والجزائر مع السودان وأذربيجان مع أفغانستان.. من دون أن ننسى “شيعة لبنان”؟!
بين الأخبار أن باكستان قررت توطين بضع مئات من مسلمي البوسنة، إظهاراً لرابطة الدين مع هؤلاء الأشقاء المعرضين للذبح اليومي!
المفارقة أن “البوشناق”، وهم أهالي البوسنة كما صار اسمهم معرباً، يشكلون “عائلات” في معظم أرجاء “العالم العثماني”، إذ أن بعض الجند الذي جاء ضمن “الانكشارية” أو كان أصلاً بين “المماليك” قد استوطن هذه “الولايات” وتكاثر فيها واندمج في أهلها حتى غدا منهم!
وبين “البوشناق” من استوطن فلسطين وصار من أهلها،
أترى هل من علاقة بين ما يجري في البوسنة وما يدبر لفلسطين؟!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان