لا الحرب حربك ولا شعارها شعارك، وليست في ذاكرة المتحاربين… بل لعل الشعار هو هو راس الحربة الموجهة إلى حلمك اليتيم في نوافق ما على شرعية ما لدولة ما،
لا العسكر المرقط الثوب والنوايا هو جيشك، مع إنهم أطعموه لحمك، ليرتك، قوت عيالك وأسطورة الازدهار اللبناني الخالد.
وأما العسكر الآخر فيقاتل – تقريباً – من دون جمهور، لأنه تنقل كثيراً بين موقعي الحليف والرديف بحيث يستحيل الآن عليك أن تقبله بوصفه “البديل”ز
والجمهور، في أي حال، تحت الأرض، ينتظر وقف إطلاق النار ليحصر خسائره في الأرواح والأرزاق، أما خسارته المعنوية والسياسية تحديداً، فتتجاوز الحصر، ثم إنها خارج الموضوع، ولماذا حصرها طالما أن لا معوض ولا من يعوضون.
يلتفت “الشرقي” إلى “الغربي” باحثاً عن القرار فلا يجد إلا المؤاساة والرثاء لحاله والاعتذار عن افتقاد القدرة على نجدته.
ويلتفت “الغربي” إلى “الشرقي” باحثاً عن “الموقف” فلا يجد إلا الحذر والعجز والخوف من إعلان الموقف المكلف في غياب “الحامي” والضامن السلامة والقادر على وصل ما انقطع وما أسقطته قذائف الكراهية ومؤسسة الحقد الطائفي الراخسة البنيان.
المواطن تحت الأرض، وقادة “الانتصار” و”الهزيمة” يمسكون بالأرض ويمنعون عنه الهواء والشمس ومشروع الحل.
والمواطن مهزوم مرتين: مرة بانتصار المنتصر ومرة ثانية بهزيمة المهزوم.
هو خارجهما، وكلاهما ضده: ضد تمنيه الكسيح بقيام دولة قادرة، وضد تطلعه إلى مجتمع مدني بلا مسلحين، سواء أكان سلاحهم “شرعياً، بالأصل، أم خارجاً على “الشرعية” ومدخراً للدفاع عنها في “ساعة الحشرة”… فهو دافع ثمن السلاحين، في أي الحالين، مرة من دخله “الشرعي”، ومرة من مدخراته المخبوءة لليوم الأسود.
المواطن تحت الأرض، و”العسكر” في كل مكان.
هو وقضيته تحت الأرض، وعسكر اللاقضية ينتشر فيملأ الطرقات ويمسك بالمحاور، معلناً مرة أخرى إلغاء المواطن والوطن المنسي، مؤكداً – باللسانين – تقديم الطائفة على كل ما عداها، وانتسابه إليها هازماً أو مهزوماً.
المواطن تحت الأرض، وسفير البابا هو المفاوض وهو المحاور، ليس بصفته سفيراً لدولة، وإنما بوصفه مندوباً من المرجعية الدينية لدى الطائفة، وبالتالي فإن مصير الدولة وشعبها لا يعنيه، أما “الرعية” فهي موضوعه الوحيد.
ما الفرق بين المونسنيور بوانتي ومحمد علي بشارتي؟!
إنهما يقفزان من فوق الدولة، مستقويين “بالروح” والرابطة الأخرى الأبقى من السياسة وأعرافها والدبلوماسية وتقاليدها، لينصرا الطائفة (الرعية) على دولة الوفاق والتسوية والعيش المشترك.
طالما إنها حرب داخل الطائفة فما شأن الدولة بها، حقيقة كانت أم مشروعاً قيد التأسيس؟!
إن “العسكريين” عسكر الطائفة، لا تهم التسمية، فما شأن الرئاسات والشرعية والدول، عربية وأجنبية، وما شأن “المواطن”، خصوصاً وإن هذه “المرتبة” لا وجود لها في قاموس الطائفة.
الشرقية شأن مسيحي،
والجنوب شأن شيعي،
والجبل شأن درزي،
وصيدا شأن سني،
وبيروت شأن “جميع القديسين”،
فأين الدولة، إذن؟! ولماذا تكون حيث لا حاجة إليها، بل وحيث تضر بأكثر مما تنفع؟!
ما طائفة الدولة؟!
إن لم تكن مارونية فما علاقتها بصراع داخل الطائفة المارونية؟!
حتى الرئيس الماروني يفقد “شرعية” التدخل طالما أن تدخله يصدر عنه كرمز للدولة وليس كمرجعية في الطائفة وللطائفة؟؟
ولأنه “رئيس للدولة” فلا الجيش جيشه ولا الميليشيا، بطبيعة الحال، تخضع له أو تسمع منه،
لكأن الطائفة خارج الدولة، بل وخارجة عليها،
وهي بذلك تفترض أنها تلغي الدولة أو الحاجة إليها،
لكن للعالم، للعرب، للبنانيين بمن فيهم الموارنة كجمهور، رأياً آخر: فلا دولة من دون الموارنة، ولا موارنة خارج الدولة، والأهم… لا “دولة” للموارنة كطائفة.
تماماً كما لا طائفة من دون الشيعة، ولا دولة للشيعة كشيعة، واستطراداً: لا دولة للسنة، ولا دولة للدروز، ولا سنة أو دروزاً خارج “دولة كل الطوائف” في لبنان.
إن الفاتيكان لا يتجاوز الدولة فقط، ولكنه بتصرفه وكأنه يعمل لإلغائها.
تماماً كما أن إيران (أو بعضها) يتجاوز الدولة بقصد إلغائها.
والفاتيكان، كإيران، يزيد المشكلة تعقيداً بدل أن يساعد على حلها: يعترف بالدولة ويقدم أوراق اعتماده إلى رئيسها ولكنه يظل “رهينة” التمرد أو الوسيط لديه بحجة الحرص على الرعية… كأنما لا تعيش الرعية (الطائفة) أو لا تبقى إلا بإلغاء الدولة.
وليس سفير الفاتيكان بأحرص من المواطن، وبالتالي من الدولة ومن رئيسها الماروني، على دم الماروني،
تماماً كما أن المبعوث الإيراني ليس أحرص من المواطن، وبالتالي من الدولة ومن الرموز الشيعية في سلطتها الشرعية على دم الشيعي،
فهل من مجال لاتحاد الدم المهدور من أجل إنهاء الفتنة، بعسكرها وميليشياتها والسفراء لدى الطوائف؟
هل من مجال لاتحاد الدم المهدور في الحرب على الحرب والمتفعين بالحرب في الداخل والخارج؟!
هل من مجال لكي يخرج المواطن من تحت الأرض،
هل من مجال لكي يولد المواطن وتولد الدولة عبر النار؟!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان