لا تتغير طبيعة العدو إلا بانتفاء أسباب العداء أو باندثار عدوه نهائياً،
وإسرائيل هي هي، لا تبدل طبيعتها “تسوية” أو “مبادراتسلامط أو حتى معاهدات صلح منفرد، وبشروطها هي،
إنها “العدو” للعرب مجتمعين ومتفرقين. والعرب هم في عينها وحساباتها واستراتيجيتها ونظرتها لمستقبلها “العدو”، سواء أكانوا أقوياء أم ضعفاء، وسواء أكانوا متضامنين أم ممزقي الصف ومشتتين ومسحوقين بالهزيمة كوضعهم الراهن.
وليس أمراً غريباً أن تستمر إسرائيل في التجسس على مصر، برغم معاهدات كامب ديفيد ومحلقاتها، وبرغم أن الأصابع الأميركية تعبث بأمعاء مصر – الدولة والمجتمع – وتتغلغل في ثنايا مؤسساتها المدنية والعسكرية،
لكن هذه الواقعة، برد الفعل الإسرائيلي عليها، وهو مُهين، يجب أن تفرع جرساً للعرب الآخرين الساعين إلى “الصلحط مع إسرائيل بأي ثمن، ومع التعهد بأن يدفعوا من خيرات بلادهم هذا الثمن الفادح مع فوائده.
ولقد أخذت النخوة بعض المسؤولين الخليجيين خلال مؤتمر موسكو المتعدد الأغراض، فاستهولوا ما هم مقادون إليه وهتفوا بلسان أفتاهم وأكثرهم براءة: “ما لمثل هذا أتينا، فوالله لا نصالح العدو من خلف ظهرأخوتنا وعلى حسابهم… ووالله لقد أخذنا على حين غرة”!! ثم صفق الباب خلفه وانزوى في غرفته يداري خجله من ذاته…
لكن هذه النخوة لم تمنع معظم العرب من طعن أخوتهم الغائبين احتجاجاً في ظهروهم، مع وعيهم الكامل بأن الغائبين هم القضية وغن لا حل من دونهم أو على حسابهم.
وأبرز اعتراضات إسرائيل، الىن، على النظام في مصر (وعلى الشعب أساساً) إنه لم يسلمها مفاتيح أرض الكنانة، ببشرها وتاريخها المجيد، بحضارتها ونيلها وإنجازاتها، بجامعاتها وقواتها المسلحة، لتتصرف فيها تصرف “القاهر” و”السيد” المطلق اليد والصلاحية.
لن تشبع إسرائيل مهما بلغ حجم التنازلات العربية.
ولن تهادن إسرائيل العرب حتى لو اصطفت ملايينهم أمام حائط المبكى تبكي مر البكاء تكفيراً عن ذنوبهم الخطيرة، قبل أن يتطوعوا لإعادة بناء هيكل سليمان!
إسرائيل هي إسرائيل، قبل الحرب وبعدها، قبل المفاوضات وبعدها، قبل المعاهدة وبعدها،
ولن يقوم سلام كالذي يتعجله المتعبون بعبء ثرواتهم من العرب إلا إذا صار العرب عرباً كما هم الإسرائيليون إسرائيليون،
… وغلا ظلوا يؤخذون فرادى وجماعات على حين غرة!!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان