في منطقتنا الآن معركة واحدة أساسية وشاملة ومصيرية فعلاً في نتائجها هي المعركة التي تشنها وتتولى قيادتها الثورة الإيرانية بزعامة الإمام الخميني.
هذه المعركة هي واحدة من أبرز سمات العصر، وهي تلخص وتحتوي المعارك الأخرى جميعاً.
فهي هي المعركة ضد الصهيونية ودولتها المزروعة بالقوة في أرضنا إسرائيل
وهي هي المعركة المرتجاة من أجل تحرر سياسي ناجز.
وهي هي المعركة المنتظرة من أجل تحرر اقتصادي حقيقي تعود به خيرات الشعوب إلى أصحابها بدل أن تظل منهوبة مسلوبة وموظفة ضدهم وضد طموحاتهم إلى غد أفضل.
إنها “أم المعارك” التي يحاسب الغائب عنها أو المتقاعس عن المشاركة فيها أو المتلهي عنها بما هو دونها حساباً عسيراً أمام التاريخ والأجيال الآتية، إضافة إلى أنه سيدفع مباشرة وغالياً ثمن تخلفه أو تقاعسه أو انشغاله عنها بما عداها.
ولسوف يكون حساب العرب هو الأقسى، ليس فقط بسبب القرب والقربى بينهم وبين إيران، بل أساساً لأن المعركة التي تخوضها الثورة الإيرانية اليوم هي بالضبط وبالتحديد المعركة التي انتظرت طويلاً فرسانها العرب والتي لا يمكن أن تحسم في غيابهم إلا بكارثة حقيقية ومفجعة ستكلفهم أكثر مما تكلف إيران ذاتها.
ليس الأمر أمر تعاطف وتضامن وتلاق فكري أو أيديولوجي ولا عاطفي خاصة، إنه في البداية كما في النهاية أمر مصير ووجود،
فالمشروع الأميركي للهيمنة على المنطقة لا يلغي إيران وحدها كدولة بل هو يلغي قبل ذلك العرب كأمة.
إن المشروع الأميركي – الصهيوني لا يسلب المنطقة أرضها وخيراتها فحسب، إنه يسلبها أساساً هويتها وتاريخها وحضارتها ومجدها التليد ودورها المستقبلي، ولا يترك أمام عربها بالتحديد سوى خيار محدد: أن يكونوا عبيداً، وخدماً وسماسرة (في أ{قى الحالات) للأميركيين أو يكونوا عبيداً لوكيل الأميركيين ومعتمدهم في المنطقة، إسرائيل.
ومفهوم بالطبع أن يصاب “عرب أميركا” بالذعر وأن يهربوا من وهج الثورة وزخمها إلى مزيد من التبعية والارتباط بالبيت الأبيض.
ولكن غير المفهوم وغير المبرر وغير المقبول ألا يكون الوطنيون العرب في الصف الأول من صفوف المجاهدين ضد المشروع الأميركي – الصهيوني بما ملكت إيمانهم مالاً وسلاحاً وموارد طبيعية وقوة تأثير معنوي.
… فإذا تعذر عليهم لأي سبب أن يشاركوا مباشرة في شرف القتال إلى جانب الخميني ومعه، فلا أقل من أن يوفروا عليه عبء خلافاتهم الداخلية ومشاكلهم الثانوية التي قد تكون مفهومة في زمان آخر غير زمان معركة العصر المفتوحة الآن والمرشحة لأن ترسم بنتائجها ملامح عالم الربع الأخير من القرن العشرين.
إن الانشغال بأي خلاف ثانوي بين الوطنيين العرب الآن ترف ليس من حقهم أن يمارسوه، بغض النظر عن مبرراته ومسوغاته.
وليس من حقهم أيضاً أن يغفلوا لحظة عن العدو الحقيقي وأن يتوهوا عن الساحة الفعلية للقتال ضده،
ولمن نسي نقول: تذكروا كامب ديفيد، تذكروا أنور السادات تذكروا إسرائيل. تذكروا كارتر.
… وتذكروا أن الخميني لا يزال ينتظر أهل الصمود والتصدي في طهيران الصامدة حقاً والمتصدية حقاً.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان