مع كل عملية جديدة للمقاومة في الأرض اللبنانية المحتلة، تنتفض »إسرائيل« مستهجنة، وترتدي على عجل لبوس »الضحية«، ويطلق كبار المسؤولين فيها التهديدات النارية ضد إيران أحيانù وضد سوريا دائمù، بوصفها حاصل جمع المقاومة في لبنان والتحريض في إيران ورفض دمشق التوقيع على اتفاق إذعان جديد.
أي أنها تنكر وجود لبنان، أصلاً، بأرضه وشعبه ومؤسساته،
فلا الأرض في نظرها لبنانية ولها أهلها وأصحابها من اللبنانيين، الذين يتمسكون بكل حبة من ترابها إلى حد الموت دونها،
.. ولا المقاومة أو رفض الاحتلال فعل وطني لبناني يمارسه »فتية آمنوا بربهم فزدناهم هدى«،
.. ولا الدولة المعنية بالمقاومة كما »بالاعتراض« الإسرائيلي، هي الجمهورية اللبنانية!
لكأنما جيش الاحتلال صاحب حق شرعي في التصرف بما استولى عليه عنوة، بينما أهل البيت والأرض مغيَّبون ومنسيون أو لا وجود لهم أصلاً، فإذا ما حضروا اتُّهِموا في وطنيتهم فنُسبوا لغيرهم.
ومع التقدير لإيران الثورة ولسوريا الصمود، فإن اللبنانيين لا يقلون عن أشقائهم وأصدقائهم أولئك وطنية وتمسكù بأرضهم وإصرارù على تحرير الأرض والإنسان بالوسائل جميعù ومن ضمنها الوسيلة الطبيعية المتاحة دائمù: بذل الروح والدم، والاستشهاد من أجل مثل هذا الهدف المقدس.
أمس، جاءت »الدولة« الإسرائيلية كلها إلى أرضنا المحتلة في الجنوب، إثر العملية الناجحة لمجاهدي »حزب ا”«، التي أودت بحياة ثلاثة وإصابة ستة آخرين من ضباط جيش الاحتلال وجنوده.
جاء إسحق رابين، وشيمون بيريز، وأمنون شاحاك، وقائد الجبهة الشمالية وقيادات المخابرات والمظليين والوحدات الخاصة الخ…
ومع الأسف، فلقد بات مثل هذا الانتهاك السياسي مألوفù ومسلَّمù به إلى حد ما: فكلما تفجرت مشاعر القهر وإرادة التحرّر بقافلة من قوافل جيش الاحتلال، انتقلت »الدولة« في إسرائيل بقضّها وقضيضها إلى لبنان وأطلق »رجالاتها« تهديداتهم وكأن وحدات من الجيش اللبناني أو الحرس الثوري الإيراني قد دهمت مكاتبهم في تل أبيب أو القدس المحتلة وحاصرتهم فيها!
فالإرهابي ليس هو من يحتل الارض ويقهر الإرادة، بل هو من يقاوم الاحتلال،
ومخرّب »العملية السلمية« ليس هو من يتمسك باحتلاله ارض الآخرين في انتظار استسلامهم لهيمنته الدائمة (بل وحتى بعد استسلامهم كما جرى للمستسلمين في فلسطين والأردن)، بل هو من يصر على عدم التوقيع قبل جلاء المحتل وعودة الارض الى اهلها.
هكذا، ومن داخل الارض اللبنانية المحتلة، اطلق شمعون بيريز اتهامات ضد دمشق، مدروسة بحيث تسمعها واشنطن أساسù فتبني عليها، او تبرر بها تقاعسها او ربما تنصلها من دور »الراعي« و»الضامن« و»الشريك الكامل« و»قوة الدفع« للمفاوضات الثنائية على المسارين السوري واللبناني.
إنها محاولة لاستخدام دم الضحية ضد حقوقها،
على ان الجانب الآخر اللافت في الموضوع ان الدولة الاسرائيلية بكل اركانها قد اهتزت، فانتقلت جميعù الى موقع العملية، لتؤكد مدى اهتمامها بحياة جنودها ومدى احترامها لموتهم، وهم يدافعون عن احتلالها،
وهي محاولة اخرى لتوظيف الدم من أجل مشروع الهيمنة الاسرائيلية على المنطقة،
في المقابل، فإن اهالي جبل عامل الصامدين والمقبلين على شرف افتداء ارضهم بدمائهم بغير وجل، يحضِّرون أنفسهم الآن لتلقي هجمات يومية تقذفهم بالموت والدمار من البر والبحر والجو، تأديبù لهم على اعتراضهم طابور المتنزهين الاسرائيليين تحت نوافذ بيوتهم او ربما داخل غرف نومهم،
ولكم كان يتمنى هؤلاء لو انهم يلقون في صمودهم من كبار المسؤولين عندهم من العناية والاهتمام ولو واحدù في الألف مما يلقى جندي الاحتلال من »دولته« التي لا مجال لتمويه طبيعتها العنصرية وأهدافها المعلنة في الهيمنة على هذه الارض جميعù »من البحر الى البحر«.
ألا يستحق هؤلاء المجاهدون الذين يستبْقون للبنان شيئù من الذكر ولو تحية؟!.
ام ان الكل مشغول عنهم بما هو أجدى وأبقى وأشرف؟!.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان