كأنه حكم على الكويت ذاتها، وليس على »القبس« أو على رئيس تحريرها محمد جاسم الصقر. هذا الحكم المتعسف والمستفز الذي أصدرته دائرة الجنايات في المحكمة الكلية، أمس، وقضى بتعطيل الرصيفة المتميزة بموضوعيتها أسبوعا وبحبس الزميل الشجاع ستة أشهر مع الشغل والنفاذ الفوري.
بل انه حكم على كل صاحب رأي وكل مواطن عربي له موقف، أو يفترض أن من حقه الابتسام، فكيف بأن يكون له الحق بأن يقول وبأن يعترض وبأن يختلف مع حاكمه.
ولأننا حريصون على الكويت وعلى رصيد تجربتها الديموقراطية،
ولأننا معنيون بقضية الحرية وحقوق الإنسان العربي في وطنه،
ولأننا مرشحون جميعا لأن نكون ضحايا التعسف والإرهاب الفكري والظلامية،
لهذا كله نعتبر اننا قد حُكم علينا جميعا بالخرس، ومُنعنا من تنشق الهواء النقي وأُرسلنا إلى السجون ظلما وعدوانا.
إن قضية الحرية في وطننا العربي لا تتجزأ.
ان حماية حقوق الإنسان العربي واجب كل منا.
إن التصدي للجهل والجهالة والاستخدام الرديء للشعار الديني يقع في خانة الدفاع عن النفس، كما هو واجب مقدس لحماية القيم السامية التي يحملها الدين الحنيف.
لهذا كله، نطالب أمير الكويت وحكومتها ومجلسها النيابي بالتصدي لحملة التجني التي تُشن ضد الحريات العامة، بشخص جريدة »القبس« التي أضافت الكثير الى رصيد الكويت الديموقراطي، ورئيس تحريرها محمد جاسم الصقر الذي كان دائما أحد فرسان الكلمة الحرة في الكويت.
إن الحكم الصادر ضد »القبس« والصقر نموذجي في »الغلط المطلق«!
إنه يستند الى »نكتة« بسيطة في صفحة تسلية من صحيفة طالما كانت منبراً للقضايا العادلة، فيتخذ منها ذريعة ويتعسف في استخدام الحق فيطالب بتحطيم الأقلام وإغلاق الصحف وسجن أصحاب الرأي »مع الشغل والنفاذ«.
انها سابقة خطيرة اين منها المحاكمات الغيابية والاحكام الجائرة (والخارجة على شرع الله) التي نُفذت ضد مفكرين وكتاب واساتذة كبار، كما في مصر مثلا، او تلك التي تنفذ بالفؤوس والسكاكين يومياً في الجزائر ضد النساء والأطفال والشيوخ، بذريعة حماية الدين الحنيف.. من المسلمين!
انه حكم بالاعدام على حق الانسان العربي، في تنشق الهواء وفي الخروج من جاهلية الخطأ الى نور الشمس والحقيقة ولو متأخراً، وفي نهاية القرن العشرين.
انه حكم علينا جميعاً، داخل الكويت كما في كل أرض عربية.
ومن واجبنا ان نرفع الصوت بالاعتراض، حيثما كنا.
ومن حقنا، وحق الكويت علينا، ان نطالب بحماية ما تبقى من »جزر« للحريات العامة في وطننا العربي.
انهم يحاكموننا جميعاً، فلنواجه الخطأ مجتمعين.
والكلمة، مرة أخرى، لأمير الكويت وحكومتها، ومجلسها النيابي، وصحافتها التي لم تتأخر في اعلان تضامنها بوعي منها انها جميعاً في طريقها الى قبر الصمت خلف قضبان الجهالة والظلامية.
والكلمة ايضاً لاتحاد الصحافيين العرب ولنقابات الصحافة العربية، ولبنان في الطليعة، وكل المعنيين بقضية الحرية في أربع رياح الأرض العربية.
والكلمة لكل انسان عربي، لأن الحكم مسّه في قيمه كما في حقوقه الطبيعية، وصولا الى حقه في الابتسام لنكتة شائعة!
والحقيقة ان الحكم »نكتة« سمجة، وان مُصدره أولى بأن يتحمل العقوبة التي أصدرها ضد »القبس« ورئيس تحريرها وكل القراء أو الطامحين والراغبين في القراءة!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان