استغلّت إسرائيل »عجقة السير« الخانقة في بيروت وعلى الطريق إلى الجنوب لكي تحقّق نصرù جديدù خارقù لوحداتها البحرية الخاصة، هذه المرة، مسرحه البحر الأبيض المتوسط.
فاستنادù إلى تقارير »الموساد« و»الشين بيت« وغيرهما من أجهزة المخابرات والاستقصاء والتجسس، ثبت لدى القيادة الإسرائيلية أن »المقاومين«، كالثوار، هم السمك والجماهير هي الماء، فإذا تم »شفط« الماء أو تسميمه، قُضي على السمك، وتوطّدت أركان الأمن الإسرائيلي وهدأ بال المستوطنين وانتفت الأسباب التي تؤدي إلى الاختلال في عقولهم.
هكذا، واستباقù لقرار الحكومة اللبنانية بالانتقال بكلكلها الثلاثيني لتعقد مجلسها في عاصمة جبل عامل، إذا سمحت لها حفريات الهاتف والكهرباء والمياه والمقاولين »الممتازين«، أصدرت الحكومة الإسرائيلية قراراتها الخطيرة:
أ مصادرة البحر جميعù، بمياهه و»فقش الموج« كما يقول الزجّالون، و»الزبد الذي يذهب جفاء«، كما يقول الكتاب الكريم.
ب محاصرة الأسماك، بدءù بالحوت الذي ابتلع »يونان« أو »النبي يونس«، ذات يوم، وانتهاءً »بالبزري«، وعزلها عن »البرّ« وتعطيل شبكات الاتصال في ما بينها، بحيث »تغطس« المقاومة، من دون مواجهات واشتباكات وعمليات استشهادية قد تكون مكلفة جدù.
أول الأهداف التي تحققت: إلحاق هزيمة سياسية عسكرية معنوية اقتصادية جغرافية واستراتيجية بالمقاومة ممثَّلة ب»حزب ا”«؛ إذ »هرب« أسطوله الحربي، ببوارجه وغواصاته وحاملات الطائرات والخافرات فيه. ولقد سلّم »المخربون« بهزيمتهم، ومن دون أن تطلق عليهم قذيفة واحدة أو طوربيد واحد!
ثاني الأهداف: استقطاب السمك، بأنواعه المختلفة، عن طريق تبصيره بالمخاطر الجمّة التي يشكّلها عليه جنوحه إلى »الأصولية«، واندفاعه الأحمق على طريق »التطرف« الذي قد يتسبّب بإدراج اسمه على قائمة »الارهاب«، فتمنع عنه المساعدات والهبات وقروض البنك الدولي!
ولقد بادر أعيان قبائل السمك إلى التنصل من »حزب ا”«، خصوصù وقد أُفهموا أن قرار الحصار الإسرائيلي سيتعزَّز لاحقù بالحظر الأميركي، مما يهّدد قبائل الأسماك في المحيطات والبحور المواجهة للشواطئ الأميركية في حرياتها، ويمنع التواصل بين أفراد »الأمة السمكية«، وفي ذلك خرق لحقوق الإنسان!
ثالث الأهداف: كشف بعض الخلايا السرية ل»حزب ا”« في أعماق البحر، وبينها على سبيل المثال، ذلك السمك الذي يجهر بتطرفه وتعصبه وشغفه بالدم من خلال لونه »الأحمر«، برغم انهيار »أمبراطورية الشيطان« ذات الرايات الحمراء، وكذلك من خلال اسمه الحركي »السلطان إبراهيم«، وهو اسم له رنينه التاريخي في أذهان الدهماء بين العرب والمسلمين!
* * *
قبل عشرين سنة تمامù، اشتد الحصار الداخلي على الصيادين، فانفجر غضبهم تظاهرات وهتافات مدوية في صيدا، عاصمة الجنوب، وكان استشهاد معروف سعد إيذانù بمرحلة كان بين سماتها التوغل الإسرائيلي داخل الحياة السياسية اللبنانية وشبكة تحالفاتها المعقّدة.
اليوم، يواجه الصيادون في مرافئ صور والصرفند وعدلون وصيدا وسائر مراسي مراكب الصيد هذا الحصار بعزيمة أقوى: فحين تلجأ إسرائيل إلى عضلاتها العسكرية مباشرة، فمعنى ذلك أنها في طريق »الخروج« من النسيج الاجتماعي للبنان، وأنها عادت إلى وضعها الطبيعي كقوة معادية وكقوة غزو خارجي، وأنها نجحت في استفزاز اللبنانيين جميعù بحيث باتوا يحتضنون المقاومة ويعتزون بمجاهدي »حزب ا”« الميامين،
وهذا انتصار وطني عظيم… مع الاعتزاز »بالإخوة الأسماك«.
وكل عام وأنتم بخير، فنحن هنا والحصار إلى زوال.
* * *
قمر واحد.. عيد واحد
تحية تقدير لا بد منها صبيحة هذا اليوم المبارك إلى السيد محمد حسين فضل ا”.
لقد حسم قضية طالما نهشت من سمعة العرب والمسلمين، وقدمتهم إلى العالم كأقوام بدائية خارج التاريخ كله، وليس فقط خارج العصر.
بعد اليوم سيتناقص عدد أولئك الذين يدّعون أن ثمة شمسين وثمة قمرين، لكل من السنة والشيعة شمس وقمر.
وسيكون العيد واحدù، كما الدين، ووفقù للعقل لا للمشعوذين والمتعيّشين على انقسام الأمة الذي يبدأ بتفتيت عقلها عبر افتعال صراع ممض بينه وبين الإيمان!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان