فقد لبنان، أمس، واحداً من رجالاته: جورج افرام!
رحل الرجل صاحب الموقف، المتمسك بالصحّ في زمن سيادة الغلط، والمستشرف المستقبلَ بينما الآخرون يحاولون سحب الماضي على الحاضر ليتمكنوا من مصادرة الغد.
رحل المبشّر بضرورة تجديد الفكرة العربية التي كان الكبار من اللبنانيين روادها ودعاتها، والذي كان يرى للمسيحيين دوراً قيادياً خاصاً في هذا المجال، متمماً أو مكملاً لذلك الذي لعبوه في بدايات القرن الماضي.
وكما قاوم الغلط في السياسة، فقد قاوم جورج افرام المرض بشراسة مناضل يرى أنه لم يكمل بعدُ رسالته في الحياة.
ولقد نجح جورج افرام كصناعي في لبنان، كما نجح من قبلُ في السعودية، وفي قطر، وفي بناء شركات ناجحة في الولايات المتحدة الأميركية وفي بريطانيا.
لكنه في الصناعة كما في السياسة، في ما بعد، لم يغشّ الناس، ولم يمدّ يده إلى المال الحرام. لم يخالف قانوناً ولم يتهرب من ضريبة.
ولا تحفظ ذاكرة اللبنانيين إلا أسماء قليلة لرجال أثبتوا أنهم أكبر من المناصب الرسمية، وأنهم أعلى قدراً من أصحاب المعالي ، وأنهم رجال دولة حتى لو غُيِّبت الدولة أو تم تعطيلها واجتمع أصحاب المصالح على تخريبها.
من هؤلاء الرجال جورج افرام الذي أراد ان يغيّر لبنان، فحاصروه حتى تظل العتمة سائدة ليمكّنهم من ان يسرقوا وان يعبثوا بالمال العام… بل لقد اجتمعت عليه السيوف لأنه صاحب موقف، ولأنه عنيد في الحق، ولأنه حريص على كرامته، ولأنه مؤمن بوطنه وبشعبه.
جورج افرام: لقد خذلتَنا! غبتَ فنقص عدد الرجال كثيراً، وهم قليل قليل.
لك الرحمة، وللبنان العزاء.