نجح التكتيك الاعلامي تمامù في تحقيق المطلوب منه… ولكنه ظل عاجزا عن تزيين الغرض أو عن إكسابه القبول الشعبي المطلوب.
لم يعد التمديد هو موضوع الحديث اليومي. صارت الآلية هي الموضوع.
وببراعة فائقة انقسم التمديديون شيعù وأحزابù متناحرة: »حزب المجلس« الذي يريد أن يكون سيد نفسه فيصر على أن يطلب منه صاحب الولاية فيوليه، و»حزب الحكومة« الذي يصر أن يستبقي المجلس لنفسه شرف التمني والمبايعة بغير أن تتأثر »سيادته« بمداخلات حكومية، و»حزب الرئيس« الذي يريد التمديد من دون ألم التوقيع ومن دون المحاسبة المتأخرة على السابقة المتقدمة!
»الصراع« الآن هو على الطريقة والأسلوب والشكل، وعلى مَن يعلّق الجرس في عنق القطة!
حتى الأحزاب المعارضة(؟!) للتمديد غرقت في فنجان النقاش أو الجدل البيزنطي ذاته: هل يفرض المجلس على الحكومة إرادته، أم تنتصر الحكومة فتلبِّسه »التهمة« وتبرأ بنفسها من هذا الاختراق للنص الدستوري…
وبما أن الذائع والمعروف أن رئيس الحكومة هو أول من أثار موضوع التمديد، فإن جماعة المجلسيين يقولون الآن إنه يطبق المثل القائل: »رمتني بدائها وانسلَّت…«.
على أن التمديديين جميعù يتصرفون وكأنهم جماعة من »المهربين«،
فالصيغة المطروحة، واللغة المستخدمة، والتبريرات المسوّقة تجعل التمديد يبدو في عيون الناس وكأنه »تهريبة«!
الحركة الليلية ناشطة، في حين أنهم في النهار منهمكون في أمور أخرى،
الكلام العام كثير جدù، وأكثر من اللازم، لكن المفيد منه والمتصل بأساس الموضوع نادر، ومبتسر في العادة، واعتذاري إجمالاً، وإن اتخذ في أحيان كثيرة منحى »تربيح الجميل« لسوريا،
وبعض التمديديين يستخدم في مجال »تمنين« سوريا معاني وإيماءات تسيء الى الرئيس الياس الهراوي وتنكر عليه أي جدارة أو أهلية، كمثل أن يقال: لولا أن الظرف الإقليمي الضاغط على الشقيقة سوريا يفرض مثل هذا الأمر لما قبلناه!
وبعض آخر من التمديديين يشهِّر بالتمديد ذاته وهو يدعو إليه أو يروج له: الضرورات تبيح المحظورات. نعرف أنه أمر غير شعبي، بل ان أكثرية الناس ضده، ولكن… لا حول ولا قوة إلا با” العلي القدير!
هل يمكن أو يجوز أن يعامل التمديد وكأنه »تهريبة«؟!
بل هل يجوز أن »يهرَّب« التمديد وكأنه فعل خارج على القانون والعرف والتقليد؟!
وكيف »يهرَّب« عهد أو نصف عهد في وضح النهار؟!
أليس في هذا ما يهدر ما يفترض أن يكون لهذا »العهد« من رصيد يمكِّنه من القيام بأعباء الحكم في بلد قلق مقلق، تعب متعب مثل لبنان؟!
إن كل القيادات أو الفعاليات المجمعة في نقابة المنتفعين بهذا العهد يريد أن يأخذ سلفù من »نصف العهد« المقبل ما يزيد على مجموع ما أخذه من الولاية التي كادت تنتهي للرئيس الياس الهراوي (وما أكثر ما أخذوا نقدù وعينù وعلى الحساب..).
أي أن هؤلاء يريدون أن »يثقِّلوا« فاتورة التمديد، وهي ثقيلة جدù، بفواتير مغانمهم الشخصية، والضمانات التي تؤمن لهم مستقبلهم السياسي فيه وبعده..
إن أبسط الأثمان المطلوبة هو الإشراف المباشر على تفصيل قانون الانتخابات على مقاس كل منهم: فيكون عريضù في بيروت مشقوقù في الجبل مثلثù في البقاع اندماجيù في الشمال وائتلافيù في الجنوب.
والبعض يقول: سمينا بغير انتفاخ، طويلاً بغير قصر، عريضù بغير ضيق، وخيِّط يا خياط إذا قدرت!
ليس الصمت هو أبلغ مرافعة في الدفاع عن التمديد،
كذلك ليست الثرثرة في ما لا ينفع الناس الوسيلة الأجدى في إقناعهم بفضائله،
وليس صراع الديكة، المفتعل أو الجدي، حول الآلية بقادر على إخفاء الأغراض المباشرة للتمديديين مهما برعوا في تكبير الخلاف على الشكليات، ومنها الآلية ومَن يطلب ممن،
ولعل أبرز مَقَاتِل التمديد أن أحدù لم يواجه الناس مباشرة وبغير التباس، فيشرح لهم بالوقائع والتفصيل تلك الضرورات التي تملي التمديد، وسواء أكانت محلية أم »إقليمية«؟!
وفي ماضي الزمان كان للشأن الإقليمي تسمية أخرى هي »المصلحة القومية«، ويومها كانت تبرر قطريù ما يتعدى بفائدته أو بضرره القطر المعني.
أما اليوم فغالبù ما يحمل معنى »الاعتبارات الإقليمية« رسائل تضيع معها المصالح الوطنية والقومية في آن!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان