فرحنا، بداية، مع انطلاق “قناة الجزيرة” من قطر، لأنها مثلت “نقلة” ملفتة في حداثتها ومهنيتها واستقلالها، نسبياً، عن حكومة الدولة الصغيرة الطامحة لان تكون ـ بغازها ـ امبراطورية عظمى..
ثم برز الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة برغبته في تحديث قطر وتمكينها من لعب دور عربي، بل دولي فتحت ثروتها ابوابها على مصراعيها، بين محطاتها مؤتمر الحوار بين القوى السياسية اللبنانية بعد “انقلاب” حكومة السنيورة على اتفاق الطائف والتفاهمات، واصرارها على نزع سلاح “حزب الله” استرضاء للأميركيين ودولة الاحتلال الاسرائيلي..
بعد ذلك، تغيرت قطر وبذريعة اعتداء السعودية عليها ومحاولتها اقتطاع بعض ارض الجزيرة ـ المدينة، وتحديداً منطقة العيديد، التي باتت، من بعد، قاعدة عسكرية اميركية، سرعان ما شاركت فيها تركيا او حاولت أن تشارك ولو بممر.. ثم شاركت، مع الولايات المتحدة في اتخاذ هذه القاعدة كمنطلق لعمليات عسكرية محتملة.. كالتي نشاهد اثارها المفجعة اليوم في سوريا.
ها هي “قطر العظمى” تساند الآن الهجوم العسكري التركي على الشمال السوري بذريعة محاربة الاكراد متجاوزة سيادة الدولة السورية، وحقيقة أن في تركيا ـ ذاتها اكثر من ثمانية عشر مليون مقموع كردي، لا يجدون من يناصرهم على ظلم السلطان اردوغان وجلاوزته.. من دون ان ننسى اكراد العراق الذين نالوا، اخيراً، نوعاً من الاستقلال الذاتي في شمالي العراق، ولم تمنع عنهم بغداد منصب رئيس الجمهورية الذي يشغله الآن برهم صالح بعدما شغله لدورتين الراحل جلال طالباني.
تركيا السلطنة التي احتلت الارض العربية مئات السنين، بذريعة انها وريثة الخلافة، لم تكن يوما صديقة للعرب.. ولن تكون!
هل نسينا انها قد اقتطعت، من قبل وكهدية من “الحلفاء” في الحرب العالمية الثانية، حتى تكون معها وليس مع المانيا، محافظتي كيليكيا واسكندرون.. ثم منعت شعبهما من التحدث بلغته الام، العربية، ونصبت في كل منهما، كما في كل مدينة، تمثالاً مبجلاً لأتاتورك؟