صار بحكم القاعدة أن تشكل كل قمة عربية جديدة انحداراً عن القمة السابقة، لكأنها مباراة في سرعة السقوط إلى وهدة التنازلات.
لقد ذهب من كانوا يشكلون رافعة النهوض من اجل بناء الغد الافضل، في ظل الجهد من اجل التحرير، بالجيوش كما بالكفاح المسلح الفلسطيني الذي يحظى برعاية عربية تحميه وتحصنه من الانحراف كما من التواطؤ عليه لتصفيته..
ولقد تحولت المقاومة الفلسطينية التي قدمت نماذج باهرة في افتداء الارض المقدسة بالدماء الطاهرة للشهداء الابرار الذين تلاقى في افيائها الفدائيون من اقطار عربية عدة مع اخوانهم الفلسطينيين فأكدوا الحق بالدماء الطاهرة..
وهكذا لم يتبق على مقاعد القيادة، اجمالاً، الا المستفيدون من الهزيمة والعاملون لاستكمالها في ظل تناقص المقاومين الذين استهلكتهم “السلطة” التي لا سلطة لها، او مناخ الحروب الاهلية الذي عم الارض العربية بديلاً من مناخ الثورة.
إن التواطؤ على “القضية المقدسة”، ومن ثم على المستقبل العربي يحكم المكان والزمان وجدول الاعمال في قمة عمان.. للمصالحين العرب.
عمان التي كان حكمها الملكي، الذي قام بالأصل على حساب فلسطين فضلاً عن سوريا، اول من رفع السلاح في وجه المقاومة الفلسطينية التي استضافها، مكرهاً، مستثمراً رصيدها الشعبي الواسع، ثم ترك لفوضى السلاح أن تستشري حتى اثارت قلق الناس، فانقلب عليها وقاتلها حتى اخرجها من عمان، ثم من الاردن جميعاً. لم تجد الا لبنان الاضعف من أن يرفضها والاقوى ـ بنظامه الطوائفي ـ من أن يكون بيئتها الحاضنة وطريقها إلى فلسطين… وهكذا اغواها ضعفه بأن تكون “سلطة بديلة” لتنقلب إلى متسبب ـ بقوة الأمر الواقع ـ إلى طرف مباشر في حرب اهلية مدمرة، لها وللبنانيين، ولجمهور المقاومة في مختلف انحاء الوطن العربي.
إن المقدمات والظروف المحيطة توحي بالنتائج وتكاد تكتب مقررات التنازلات الخطيرة التي ستتمخض عنها هذه القمة التي اعد المسرح، بإتقان، لتكون قمة الصلح بشروط العدو، أي قمة الاستسلام الصريح.
أن المقدمات “تبشر” بالنتائج .. ومنها:
إن واشنطن المتحالفة حتى التوحد مع تل ابيب قد باتت المرجعية المطلقة لعموم الانظمة العربية.
وجدول لقاءات الرئيس الاميركي الجديد الذي لا يخفي ولاءه لإسرائيل واعجابه العظيم برئيس حكومتها العريق في صهيونيته نتنياهو، يحفل بالضيوف العرب، من زاره فالتقاه فعلاً منهم، ومن ينتظر موعده بعد القمة مباشرة ليؤكد عبره وفاءه بما تعهد به من “الجنوح إلى الصلح”.. بغض النظر عما إذا كانت دولة العدو تجنح لمثله او تتجاهله.
لقد التقى الرئيس الاميركي ملك الاردن ومشروع الملك السعودي الجديد، الامير محمد بن سلمان، ورئيس حكومة العراق… وعلى جدول اعماله موعد للقاء الرئيس المصري، ووعد بلقاء قريب مع رئيس السلطة الفلسطينية التي لا سلطة لها، محمود عباس في سابقة تستحق المزيد من التنازلات رداً لجميل المبادرة بدعوة هذا “الرئيس لأول مرة”..
ومؤكد أن شيوخ الخليج ينتظرون مواعيدهم للقاء مرجعيتهم، وهم قد بادروا باعترافات بعضهم علنية وبعضها مموهة بدولة الكيان الصهيوني..
هذا يعني أن مقررات القمة قد كتبت سلفاً بما يرضي واشنطن ورئيسها الجديد، ويؤكد استمرار مسيرة الصلح بشروط المحتل الاسرائيلي الذي من حقه الآن أن يزيد من تشدده، فيسرع من عمليات مصادرة الاراضي في الضفة الغربية (المفترض انها ـ نظرياً ـ في عهدة السلطة…) وبناء المزيد من المستوطنات..
وهذا يعني أن القمة لن تتوقف كثيراً امام قرار نتنياهو باعتماد القدس “عاصمة ابدية للكيان الاسرائيلي”… وهو سيتسلح الآن بأن الموانع التي جعلت واشنطن تتردد في نقل سفارتها إلى القدس قد سقطت بتسليم العرب مجددا…كما سلموا من قبل فاستسلموا لمعظم ما قررته السلطات الاسرائيلية متصلاً بمستقبل فلسطين ومساحة ارضها ومصير اهلها الرافضين بلا قدرة على تبديل ..المكتوب!
أن المقدمات توحي بالنتائج: فالقمة العربية العتيدة تعقد في مبنى لا يبعد كثيراً عن مقر السفارة الاسرائيلية في عمان… وهي تكاد تكون ـ بما تمثل ـ شريكة في قرار المملكة الهاشمية..
ثم أن الامين العام لجامعة الدول العربية هو وزير خارجية التطبيع الممتاز والمتفوق في تسريع التطبيع ليشمل مناحي الحياة كافة… ثم انه طالما قام بزيارات ودية شملت لقاءات تفاهم استثنائي مع المسؤولين الاسرائيليين مرفقة بابتسامات عريضة (..وان كان فاته أن يشارك في الصفقة المميزة التي ستبيع فيها اسرائيل الغاز إلى مصر ـ بعد الاردن ومعه ـ وهو غاز مستخرج من مياه عربية، بعضها يخص لبنان، وبعضها الآخر يخص فلسطين وبعض ثالث ربما كان يخص مصر ذاتها..)
بالمقابل فانه يتباهى بأنه ـ ومن موقع المسؤول ـ ملتزم بالقرار السابق الصادر عن الجامعة العربية، بقوة المال القطري وتواطؤ الراغبين بمصالحة العدو ـ والقاضي بتعليق عضوية سوريا في الجامعة، وبالتالي بالامتناع عن دعوتها للمشاركة في قمة عمان.
لقد تناقضت حتى اندثرت تلك الاكثرية التي قررت في قمة الخرطوم، بعد هزيمة 1967، ثلاثيتها الشهيرة: لا صلح، لا مفاوضة، لا اعتراف.
صارت الاكثرية الآن في الجانب الآخر، بعدما رحل المقاتلون على جبهة فلسطين، في حين تزايد عدد المعترفين بالكيان الصهيوني إلى حد انهم باتوا يمسكون بقرار القمة، بعدما تمكنوا من الامساك بالجامعة العربية فطردوا منها سوريا، وما زالوا يتمسكون بهذا القرار تأميناً لاستمرار الحرب فيها وعليها.
ثم أن ليبيا القذافي قد اندثرت، والعراق الآن في العناية الفائقة، واليمن باتت يمنين احداهما مستعمرة سعودية والثانية يمن تنهش سعادته الصواريخ الشقيقة والفقر المدقع والجوع والمدن المفرغة من اهلها هرباً من غارات الطيران الاخوي… وباتت “جزر القمر” هي الصوت المرجح.
لقد سقطت من الذاكرة ومن جدول اعمال القمة كلمات مثل “ما أخذ بالقوة لا يستعاد الا بالقوة”، و”حي على السلاح” و”التحرير هدفنا وطريقنا”.
انها قمة ترامب..
ومن الواجب أن يستقبل اهل النظام العربي الرئيس الاميركي الجديد بما يليق من هتافات الترحيب والتأييد والتعهد بتسهيل مهمته، بأن يقدموا اليه هدية تناسب مقامه..
وليس مثل فلسطين، او ما تبقى منها، هدية تناسب المقام،
وفي أي حال فان الانظمة العربية قد تعبت من هذا الحمل الثقيل، وآن لها أن ترتاح…خصوصاً وان “السلطة الفلسطينية” تستحثهم وتكاد تسابقهم في التنازل، وهي ـ من قبل ومن بعد ـ صاحبة “القضية المقدسة” والمفوضة للتصرف بها.
وهكذا يثبت العرب تقدمهم: فهم في كل قمة عربية جديدة يقدمون المزيد من التنازلات لإنجاح القمة..
والقمة أهم من القضية..
والبيت الابيض اهم من القدس: فهو يعطي والمدينة المقدسة تأخذ، ولم يعد لدى العرب ما يعطونه!
تنشر بالتزامن مع جريدة الشروق
علي الشهابي
مارس 31, 2017كل الاحترام لك ولكل الكتًاب الشرفاء.كما اشكر صحيفة راًي الْيَوْمَ التي نشرت عنوان موقعك واخص بالشكر السيد عبد الباري عطوان.
منى منصور
مارس 29, 2017خلى بالك من أمريكا 😮
هناك تسريب من الرئيس الأمريكى ترامب يتحدث فيه عن حل نهائى لحدوتة فلسطين و يشمل مساحات كبيرة من الأراضى فى عدة دول!!! ترك سيناء 60 سنة بدون تعمير و أخيرا تهجير أهل سيناء و عمل منطقة عازلة «كل وسائل الرزق بسيناء أصبحت منعدمة، حيث تم تجريف المزارع وآلاف الأفدنة وإغلاق المصانع، وأصبح النشاط التجارى شبه متوقف» يثير الشكوك حول وجود أجندة إسرائيلية بشأن سيناء تنتظر الوقت المناسب للتنفيذ!!!
________________________
ثقافة الهزيمة .. موسم الهجرة الى الشرق 🙂
بقلم غريب المنسى ـ صحفي مصري مقيم في امريكا
عادت سيناء الى مصر منذ عام 1982 وللأسف مازالت شبه فارغة من السكان فهم على أحسن الفروض لايتعدون 380 ألف نسمة فى بقعة أرض ممتازة مساحاتها 61000 كم مربع وهى مليئة بالبترول وأجود أنواع الرمل لصناعة الزجاج وأجود أنواع الحجرالذى يصنع الرخام والجرانيت وفى باطنها الفيروزوالنحاس !!
وعندما تشكوا الحكومة المصرية من الانفجار السكانى فى مصر فهذا أكبر مثال على القصور الذى يرقى لمستوى الخيانة. فلو كانت سيناء مازالت محتلة اسرائيليا لكنا قد رأينا على الأقل 2 مليون اسرائيلى – وهم حوالى ثلث سكان اسرائيل – منتشرين فيها يزرعون ويستصلحون.أما نحن وبعقلية السمسارالجاهل فكرنا فقط فى السياحة !! التى قد تدر دخلا سريعا والذى قد يزول لأى سبب وبسرعة ونسينا التعمير والتخطيط لمستقبل الأجيال القادمة والذى دفع ثمنه شهداء الحرب التى حررت سيناء وأعادتها الى مصر.
فى حروب 1956 و 1967 احتلت اسرائيل سيناء بسهولة وسرعة نظرا لأنها شبه فارغة من السكان وفى حرب 1973 استطاعت اسرائيل فى عملية ثغرة الدفرسوار العبور الى غرب القناة فى أقل من 18 ساعة!! ولكن عندما حاولت التقدم باتجاه المناطق ذات الكثافة السكانية فى مدينة السويس اصطدمت بالمقاومة الشعبية. والنقطة هنا هى أن وجود سيناء شبه خالية من السكان يجعلها مطمع للغزاة ودائما جاء الغزاة الى مصرعبر التاريخ من سيناء.
والتاريخ القريب يثبت أن من أحد أهم اسباب انسحاب اسرائيل من قطاع غزة هو الكثافة السكانية فى القطاع . وانسحاب اسرائيل من جنوب لبنان فى صيف سنة 2000 يرجع أيضا للكثافة السكانية والتواجد المكثف لمقاتلى حزب الله فى الجنوب وهذا أكبر دليل على أهمية الكثافة السكانية فى حماية الأمن القومى للدول .. فالجيوش قد تنهزم أو تنسحب من أرض المعركة ولكن الشعوب تبقى صامدة ولا تترك مكان اقامتها بسهولة .
فلماذا لانتعلم من خبرات الماضى ونترك سيناء شبه فارغة من السكان ليسهل احتلالها بأقل مجهود وبأسرع وقت ولأطول فترة ؟ فى حين أن هناك ملايين بالداخل فى حاجة لفرص اقامة وعمل يمكن تدبيرها لهم فى سيناء لو لدينا النية فى التغيير .. فعددنا سيصل الى مائة وستون مليونا نسمة فى سنة 2050 وهى فترة قصيرة جدا فى تاريخ الشعوب فكيف سنواجه هذه المشكلة الحادة والتى سوف تواجهنا سواء رضينا أم لم نرضى؟
وقبل أن نتطرق لموضوع تعمير سيناء يجب أن نتفهم جيدا وضع بدو سيناء وقطاع غزة المحاصر من اسرائيل تاريخيا لأنه مهم جدا فى أى عملية تعمير لهذه البقعة الاستراتيجية المصرية المهمة .
فى القرن الثامن عشر كان أغلب الذين استوطنوا بصحراء النقب بفلسطين هم بدو سيناء لذلك فأصول البدو والترابط الأسرى والعشائرى موجودة على ناحيتى الحدود . فأفراد العائلة الواحدة قد يكون نصفهم فلسطينى والنصف الأخرمصرى وهذا يعتمد على وقت وجودهم ساعة التقسيم الانجليزى والاحتلال اليهودى للمنطقة. ومن المعروف تاريخيا أن معاملة الحكومة المصرية ومنذ أيام محمد على لبدو سيناء كانت قاسية وتتسم بالعنف والشك والتمييز العنصرى مع انهم مواطنون مصريون ولهم حقوق وواجبات ككل البشر ولكنهم فئة مهمشة والى يومنا هذا ويعيشون فى احياء فقيرة بجوار أماكن السياحة .
الصحفى الفلسطينى زكى شهاب فى كتابه عن حماس ” Inside Hamas”عبر لصحراء سيناء والتقى بدو سيناء ووصف وضعهم الاقتصادى والاجتماعى المزرى .. فالحكومة المصرية استولت على اراضيهم لاقامة مشاريع سياحية للصفوة وشاركتهم فى مياههم ومصادر رزقهم ومع ذلك تعاملهم بمنتهى الشك وكأنهم مواطنون بلا دين ولا أخلاق ولا انتماء !! وأكبر دليل على ذلك هو أنه بعد تفجيرات شرم الشيخ فى يوليو 2005 وتفجيرات دهب فى ابريل سنة 2006 تم اعتقال بدو سيناء عشوائيا وتم تعذيب ما يزيد عن 2500 بدوى واحتجازهم بدون اتهام وكأنهم فى جوانتانامو وطبعا هذا يولد شعوربالكره تجاه الدولة وعدم الانتماء.
ولعل ارتفاع نسبة وفيات الأطفال والبطالة والأمية وانخفاض متوسط عمر الفرد والمعاناة تجعل بعض من البدو يرغبون فى عودة اسرائيل لسيناء فهى على الأقل كانت توفر شوارع ونظام صحى لهم !! هل يعقل أن نكون فى القرن الواحد والعشرين وقطاع من المواطنين المصريين يعامل بهذه الطريقة ؟ العملية فى حاجة الى نظرة عميقة للواقع والمستقبل لهؤلاء البدو خاصة .. وللمصريين عامة اذا ما أردنا النهوض .
ان توطين بدو سيناء فى مستوطنات ومدن مشتركة مع المصريين القادمين من الوادى واعطائهم أولوية فى فرص العمل فى سيناء قد يحتاج الى جيلين على الأقل حتى تحدث عملية اندماج كامل ولكننا سنحل هذه المشكلة بطريقة جذرية .
أيضا التبادل التجارى بين أهالى رفح والعريش من جهة وأهالى غزة من شأنه أن يخفف العبء على الفلسطنيين المحاصرين فى القطاع وسينعش الحركة التجارية والاقتصادية لهؤلاء البدو علما بأن اسرائيل تستفيد من 3.5 مليار دولار سنويا من حجم التجارة مع قطاع غزة. ففتح الحدود بين مصر وقطاع غزة فى صالح مصر . ويمكن للحكومة المصرية انشاء منطقة حرة تجارية – بدون ضرائب ولا جمارك – على هذه الحدود حتى تنعش الوضع الاقتصادى فى هذه البقعة المهملة والمحاصرة بالعدوالتقليدى الذى هو الفقر والحرمان من الفرص الشريفة.
قد يكون من مصلحة اسرائيل أن تكون سيناء فارغة من السكان ولكن ليس من مصلحة مصر أن تكون سيناء بلا سكان وبالتالى ينبغى علينا أن نفكر فى توطين عشرة مليون مصرى على الأقل فى خلال العشرة سنوات القادمة وحتى لو احتاجت عملية التوطين ضغط ميزانية الجيش فى بناء مستوطنات ومشاريع زراعية مدروسة لأن هذا التوطين هو الوجه الأخر لحماية مصر سلميا وجعلها منطقة آهلة بالسكان لهم حماية دولية وقانونية لايستهان بها .
لايوجد فى اتفاقية السلام مع اسرائيل أى بند يمنع مصر من تعمير سيناء ولا يوجد بها أى بند يحرمنا من الهجرة الى الشرق التى قد يكون خيارا مهما لنا لابديل عنه فى السنوات القريبة القادمة.
حكمة للتأمل : مثل انجليزى ..
أذا أردت السلم فكن على استعداد للحرب .
If you want peace, be prepared for war
* فيديو هام جدا لا تفوتك مشاهدته :
سيناء .. من يزرع الشوك O:)
https://www.youtube.com/watch?v=hi6esvr06cQ